الصفحات

01‏/06‏/2011

هل فى يوما سنستبدل السجان ؟؟؟




كان الصحفى الإيرانى «هوشانج أسدى» يبلغ من العمر ٢٦ عاماً، بينما كان «على خامنئى» يبلغ من العمر ٣٧ عاماً ، حين التقى الاثنان فى زنزانة من زنازين الشاه "بهلاوى" شاه ايران ، قبل قيام الثورة الاسلامية الايرانية بعدة اعوام ، لم يكن اسدى يعرف بتاتاً ان فى يوم من الايام سيكون زميله فى الزنزانة هو المرشد الاعلى للثورة الايرانية
وحسب ما جاء فى كتاب "اسدى" الذى يحمل مذكراته "رسائل الى معذبى" ان اسدى وخامنئى كانا يحلمان بالحرية والديمقراطيةوالعدالة فى وسط سياسات التعذيب والتنكيل التى تعرضا لها فى عهد الشاه "بهلاوى"

كان اسدى «شيوعى» وخامنئى «إسلامى»، لكن كليهما جمعت بينهما المعارضة للقمع والاستبداد، والتطلع إلى حرية تحمى كرامة الإنسان، تشاركا الزنزانة والسيجارة والحياة، تصادقا وتبادلا الحكايات والاحلام ، وعندما حان موعد الفراق وصدر قرار بترحيل «اسدى» من سجنه، تعانقا فى لحظات الوداع وبكيا، وقال له «خامنئى»: «فى ظل حكومة إسلامية لن يذرف برىء دمعة»
كان «خامنئى» فى وقتها يعى ما يقوله تماماً ويؤمن به تمام الايمان ، ويصفه اسدى فى مذكراته بتقواه وورعه وخوفه من الله وقبوله للآخر حتى لو كان «ملحداً»

لكن الصديقين افترقا، وغادرا السجن، وقامت الثورة الإسلامية فى إيران، وتشكل النظام الذى كان يحلم به ويروج له الشيخ الورع الذى كان يقول عنه ان بريئاً لن يذرف دمعة فى ظله، لكن سنوات قليلة مضت كان «خامنئى» يصعد فى سلم السلطة وكان «اسدى» يعود إلى الزنزانة ذاتها، لم يتغير منها سوى أنها صارت انفرادية دون صحبة الشيخ التقى

تبدل السجان من حكم الشاه إلى حكم «الفقيه» .... وتبدل الجلاد من الـ "سافاك" جهاز المخابرات الايرانى التى كانت مهمته قمع المعارضين لشاه إيران ووضعهم تحت المراقبة تبدل الى الـ "بسيج" الحرس الثورى الايرانى الاشد فتكاً وشراسة

كان «أسدى» شاباً يتوق للحرية، يشعر بوطنية عميقة، مغرماً بالأدب. كان يظن أن العالم يمكن أن يتغير، لذلك وقف إلى جوار الثورة الإيرانية وهو يؤمن بشدة بأن الديكتاتورية ستنتهى إلى الأبد، وبراعم الحرية ستتفتح، لكنه فجأة وجد نفسه فى الجحيم.. معذبه ظن أنه يمثل الله على الأرض، ورآه جاسوساً وخائناً وتجسيداً للفساد والشر، وبكل الاتهامات التى وجهها إليه أجبره تحت الجلد والحرمان من النوم والتعليق بحبل طوال أيام وليال وتهديده بأن زوجته تخضع أيضا للتعذيب، على الاعتراف بها، حتى حاول الانتحار عدة مرات للهروب من ألم التعذيب. غادر الرجل سجنه بعد سنوات إلى باريس، وهناك شاهد صوراً للسفير الإيرانى فى كازاخستان، ولم يحتج جهداً ليعرف أنه نفسه الضابط الذى كان يتولى تعذيبه والتنكيل به.


تخطئ لو أخذت هذه القصة على أنها شأن إيرانى، فالمسألة أكثر عمقاً من ذلك، ومتكررة، خاصة فى شعوب ثقافة الحريات فيها ليست أكثر من شعارات، فلا تصدق داعيا للديمقراطية إلا بعد أن تشاهد تجربته فى السلطة، لأن هذه اللعينة «السلطة» كما قال «أسدى» غيرت الشيخ التقى الورع الذى كان يبكى أثناء الصلاة، وجعلته قائداً فى نظام لم يتورع عن استخدام كل أساليب القمع التى تعرض لها وقاومها، فى التنكيل بمعارضيه. ليس كل من يقول «الله ورسوله» يصلح لتطبيق العدل الذى هو جوهر الشريعة، وليس كل من يتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان يمكن أن يكون أميناً على هذه القيم، وإلا سيظل الأبرياء يذرفون دموعاً لا تجف وللأبد

هناك تعليقان (2):

  1. تدوينة اكثر من رائعة يا محمد ـ ودي المشكلة اللي ما يعرفهاش اكثر الاسلاميين اللي مفكرين ان الشيخ الفلاني كويس اذن هوا انسب واحد للحكم لكن الحكم بيغير الناس والدستور كان لازم يتحط الاول قبل وصول اي حد للسلطة عشان ماجيش حد يحط دستور على مزاجه

    ردحذف
  2. بحب تدويناتك قوى

    ردحذف