الصفحات

31‏/12‏/2013

مولانا العارف بالله فرانسيس

مولانا "خورخي ماريو بيرجوليو" رضى الله عنه .. أرجنتينى من أصول إيطالية، عاشق للأفلام ومحب للموسيقى خصوصاً الموسيقى الشعبية اللاتينية ورقص التانجو الأرجنتينى، ومثله مثل أى مواطن لاتينى، يعشق كرة القدم ويقدسها ويشجع فريق برشلونة .. مولانا "خورخى" حاصل على الماجستير فى الكيمياء من جامعة "بوينس آيرس"، ولأنه من عائلة فقيرة "والده موظف فى السكك الحديدية" فقد عمل فى شبابه حارساً فى ملهى ليلى وعامل لتنظيف الحمامات.

فى 13 مارس 2013 ومن شرفة كاتدرائية القديس بطرس وقف مولانا "خورخى" يطل لأول مرة بعد أنتخابه من مجمع الكرادلة ليكون البابا الـ 266 خلفاً لـ البابا بندكت السادس عشر الذى تقدم بأستقالة من منصب الباباوية ليكون أول بابا مستقيل فى تاريخ الفاتيكان، مولانا "خورخى" أختار أسم "فرانسيس" نسبة لـ "فرانسيس الأسيزى"، ليكون البابا فرانسيس أول بابا من العالم الجديد وأمريكا الجنوبية والأرجنتين.

مولانا "فرانسيس" من أكثر الشخصيات المثيرة للدجل فى 2013 ، من عدة أيام كان فى تصريحات لبعض اليهود بيعلنوا أنهم كانوا يتمنوا أن يكون "فرانسيس" يهودياً، أو أن يأتى حاخام يهودى بنفس عقلية وروح "فرانسيس"، في المجمع الفاتيكاني الثالث الذي أنعقد منذ عدة شهور صرح البابا فرانسيس: "بأن كل الأديان صحيحة، لأنها صحيحة في قلوب المؤمنين بها"، وأن جميع الأديان صحيحة من واقع إحترامه لإيمان الناس بهذه الأديان، وفى رسالة طويلة لمالك صحيفة "لا ريبابليكا"الإيطالية، قال فيها أن من لا يؤمنون بالإله ستنالهم رحمته إذا هم أتبعوا ضمائرهم، وأن الملحدين ليسوا مضطرين للأيمان بالله لكى يدخلوا النعيم
"حتى وان كنت ملحداً لا تؤمن بالله، لا بأس إفعل خيراً وسنلتقي سوياً في النعيم" ، “لقد سألتنى إذا كان رب المسيحيين يعفوا عن هؤلاء الذين لم يؤمنوا، والذين لا يسعون للإيمان، وأبدأ بالقول وهذا هو الشىء الأساسى، إن رحمة الرب لا حدود لها لو لجأت إليه بقلب صادق وتائب، والقضية بالنسبة لهؤلاء الذين لا يؤمنون بالله هو طاعة ضمائرهم” .. وفى وقت لاحق أعاد مولانا "فرانسيس" أكيد ما نسب إليه في أن رحمة الله ستنال في النهاية حتى عدم المؤمنين به طالما أتبعوا ضميرهم :)) .. ويزيد مولانا على ذلك ويقول أنه لا يوجد جحيم بالمعنى الحرفى للكلمة، وأن الجحيم ليس ما هو متصور فى أذهان العامة من الناس .. وبخصوص المثليين قال مولانا أن التوجه الجنسى المثلى ذاته غير مؤثم ولكن أفعالهم هى فقط المؤثمة وأن الغفران ينبغي أن يشمل رجال الدين مثليي الجنس، وأن تنسى خطاياهم.
"إنهم لا ينبغي أن يهمشوا بسبب هذا التوجه مثليي الجنس ولكن لابد من أدماجهم في المجتمع"
 
 

وقد أعترف البابا فرانسيس منذ مدة بـ سرقته لـ صليب فى نعش كاهن، يقول انه ضعف أمام "اللص القابع داخلنا جميعا" وسرق صليباً صغيراً من نعش كاهن ليظل الرجل في ذاكرته، قد تذكر البابا هذه القصة وقالها في كلمة مرتجلة امام مجموعة من الكهنة، تذكر البابا وهو أرجنتيني الاصل الواقعة التي حدثت عندما كان في بوينس آيرس وقال إنه ذهب الى جنازة كاهن مسن كان يحبه لكنه لاحظ ان النعش خال من الزهور فقام بشراء بعضها ووضعها في النعش حيث يرقد الكاهن ممسكا بمسبحة "وفجأة ظهر اللص القابع داخلنا جميعا وأنا أضع الزهور فنزعت بقوة الصليب الذي كان في المسبحة" .. وقال البابا الذي لم يذكر تاريخ الواقعة إنه يحمل الصليب الصغير معه منذ ذلك الحين لكي يتذكر الكاهن والرحمة التي كان يعامل بها الآخرين 

 لـ ربما بعد عشرون عاماً ونيف يتم منح البابا فرانسيس لقب قدي.

يقول مولانا الرومى
ليس العاشق مسلما أو مسيحيا،
أو جزءا من أي عقيدة.
دين العشق لا مذهب له
لتؤمن به أو لا تؤمن
.”

فى ظل هذه الأصلاحات التى يقوم بها "البابا" نجد على الجانب المظلم للعالم، سلفيون يبيعون زجاجات بول البعير فى مهرجان تونس الدولى للكتاب، شيوخ خليج الرمال يصرحون بأن الترحم على "نيلسون مانديلا" مخالف للعقيدة لأنه كافر مشرك، مجانين الله فى مصر يسحلوا "حسن شحاتة" ليقتلوه ويمثلوا بجثته فقط لأنه شيعى، كلاب جهنم يقتحموا مشفى فى صنعاء ويقتلوا الأطباء والمرضى وكل ما تدب فيه الروح، أغتيال شكرى بلعيد ومحمد براهمى وأفراغ 11 رصاصة فى جسد الأخير بعد موته، الجهل والتعصّب والطائفية وصلوا لمرحلة لا يمكن التعافي منها فى شرقنا الأوسط للأمراض العقلية.
" ليس هناك ما هو أكثر جحيمية من أن يقتل إنسان إنساناً آخر، لا لشيء إلا لكي يدخل الجنة ''


(الصورة لـ سيارة البابا .. رينو موديل 1984)



12‏/12‏/2013

أصل كلمة "مزة"


لم أكن أعرف أصل كلمة "مزة" التى يطلقونها على الفتيات الجميلات طاغيات الجمال ..ولكنى فؤجئت في إحدى الأيام بعد حديث مع أحد البدو وقد كان من بائعي عسل البلح - "وهو العسل المتجمع في رأس النخيل والمعروف بأنه يعطي طاقة حيوية جبارة حيث مكمن غذاء البلح" - فقد أخبرني ذلك البدوي بأن المزة أساسا جائت من الألة الخشبية التي تثبت عليها الشياه المذبوحة للطهو ثم يتم تدويرها فوق النار، وأن المرأة الملتهبة لقبت بالمزة لأنه يسيل لها اللعاب كما يسيل اللعاب للحمة المشوية على موزة الطهي


بعد ذلك بفترة كبيرة تيقنت بأن المزة ليست تلك التي تجذبك إليها بجسدها الناري فقط بل بعقلها الثائر والمتفجر أيضا .. وأحياناً الأخير يكون بديل قوى عن الجسد الملتهب

المزة ليست أبداً هي من تثيرني بجسدها فقط بل بعقلها أو بالأصح بغموضها " والغرق في غموض المزة أروع كثيراً من جسدها". المزة بجسدها ما لم يكن لها عقل دهائي قادرة أشد المقدرة على تدمير عقل وقلب رجل هائم فيها بسطحية عقلها .. أتذكر موقف أمرأة مثيرة دعت برنادو شو للزواج بها قائلة ( أنا جميلة جداً وأنت عبقري جداً وبالتأكيد أبني منك سيرث جمالي وسيرث عقلك )

فكان رد مولانا برنادو شو ( أخشى يا سيدتي الجميلة أن يرث عقلك ويرث وجهي فيصبح أضحوكة الدهر ! )

أنا استغرب كيف يمكن أن يعشق رجل ويذوب في إمرأة عندما يكتشف أنها تافهة إنها حقا مأساة .. أسوء من مأساة أحدب نوتردام

أن أردت تعريف لمصطلح "مزة" فهى تلك المرآة التى تمتلك طاقة إيروسية إضافة إلى طاقة عقلية فكرية وذهنية أو بالأحرى غموضية كي تثير لهب النيران أكثر والغموض والتلوي هنا بمثابة الزيت على النار، وهي تحاول أن تسمو بنفسها فتمثل علينا نحن الرجال دور الملاك على الرغم من أن الملائكة منزوعو الايروسية.

أما التعريف الكيميائي للمزة فهي المصدر الرئيسي لإثارة التفاعلات الكيميائية داخل أجساد الرجال وتكون هذه التفاعلات الكيميائية تشع بالحرارة العالية، لـ يذوب في ولع المزة الرجل كما يذوب الحديد في حمض الكبريتيك المركز.

أما التعريف الفيزيائي للمزة فهي ذلك الجسم المشع الذي تصدر منه طاقة إيروسية هائلة قادرة على جذب الرجال أي كانوا من كل بقاع الدنيا حيث تنطلق من الشفتين هالة شمسية حمراء وحارة يسحر لها الفؤاد وتتوقف عندها الأزمان، وينطلق من النهدين طاقة كهربائية جبارة قادرة على إنارة مدينة بأكملها، فكل شيء في المزة تنطلق منه طاقات فيزيقية متفردة من الأهات حتى لهفة النفس.

أما التعريف الجيولوجي للمزة فهي ذلك الكيان الذي تنطلق منه براكين ثائرة لا تهدأ، وينابيع مائية حارة لا تكف عن الغليان، فهي قادرة على تغيير كينونة ما يحيط بها من رجال ؛ فالرجال بفعل المزز يتحولون من حال إلى حال كما تتحول الصخور النارية إلى صخور متحولة، وأيضا المزة ينطلق بسببها زلازل تزلزل الأرض من تحت أقدام الرجال، والمزة أيضا من الممكن أن تجعلك كائنا هائما كبعض كائنات الفورمنيفرا وحينها ستصبح حفرية أبد الدهر.

أما التعريف الفلكي للمزة فهي ذلك المخلوق الذي يدور في فلكه الرجال، ووجه المزة قمر ليلة البدر، وتحوم حول خصرها حلقات كوكب زحل المضيئة والمشتعلة وتصيب المزة الرجال بنجوم التوهان أينما وجدت.

أما التعريف البيئي للمزة فهي التي بعطرها تسلب عقول الرجال ومن صوتها تنطلق أغادير الطيور ومن بريقها يصعق الرجال من البرق فهي ذات حدث جلل كأنها مطر منهمر !

أما التعريف الجيومورفولجي للمزة فهي تمثيل حقيقي للكرة الأرضية من تضاريس ففيها ارتفاعات شاهقة كالجبال وإرتفاهات متوسطة كالهضاب وفيها سهول منبسطة وفيها دلتا ساكنة بين بحرين عمقين وأيضا فيها أنهارعذبة تروي ظمأ العطشان.

أما التعريف الباراسيكولوجي للمزة هي تلك المرأة التي استحالت من عالم ميتافزيقي سماوي إلى عالم ميتافزيقي أرضي ملتهب بالنيران ففيه تجردت من صفات الملائكية ودخلت في ذلك العالم الذي تحكمه الايروسية الملتهبة بالرغبات والشهوات والنزوات.


22‏/10‏/2013

لأن الحب دوماً يأتى بأمراض غير الكوليرا


صديقى العزيز .. ورفيقى فى ليالى الشتاء الطويلة
وصديقى فى الأمسيات الصيفية ..  جابرييل جارسيا ماركيز

قرأت رسالتك الأخيرة .. كم احزنتنى .. بل كم أبكتنى
كتبت منذ زمن ... حين كنت منهمكاً فى قراءة "ذاكرة غانياتى الحزينات"
وفى ساعة نحس كتبت أننى حين أغدوا كبيراً سأزور قبرك
كتبت تلك الكلمات وأشباح أغسطس تطاردنى ..
والخريف حينها كان يبحث عن البطريرك ..
كم كنت ساذجاً حينها ..
كم كنت غبياً حين خط قلمى بهذه الكلمات ..
أقسم لك عزيزى ماركيز بكل ما هو مقدس وغير مقدس
بكل ما هو غالى ورخيص .. بكل ما هو طاهر ونفيس
أننى الآن أشتمنى وبـ بذأة  .. لأننى كتبت هذا ..
لا تكفينى مائة عام من العزلة لأكفر عن هذه الخطيئة ..
ها أنا أقرأ رسالتك الأخيرة .. قصتك الأخيرة
ليست رسالة هى .. بل هى قصة موت معلن ..
ولأنك عشت لـ تروى فقد علمتنا يا عزيزى
أن الموت أقوى من الحب ..
وأن الحب دوماً يجلب شياطين أخرى ..
ولأنى كـ الكولونيل ليس لدي من أكاتبه ..
فأنى أرسل لنفسى تلك الرسالة ... علك تعرف كم أحبك

أحبك ماركيز ... وكم أتمنى أن اتحسس راحتيك
وأقبلهما حتى أتطهر ..
أحبك ماركيز .. لأن الحب دوماً يأتى بأمراض غير الكوليرا ..






رسالة جابريل ماركيز الأخيرة لـ جمهور قراءه ومحبيه 

رثاء

"فـ كن أيقونة للثائرين ... ونوراً للسائرين ..
نحن الفارغين النائمين .. نسألك الوفاء ..
فبأي آلاء نكذب؟ ..
من يُطهرنا سواك؟ ومن يحررنا سواك؟
وقد قُتلت نيابة عنا هناك .."

اليوم وفى مثل هذا اليوم .. لسنيين ولـ ربما لعقود .. سنستيقظ نحن النائمين الغافلين .. المرابطين خلف الشاشات ولوحات المفاتيح .. سنستيقظ لنقف أمام ذلك الشبح المبتسم بعيون مغلفة بالدموع .. ها هو على خشبة الصليب معلقاً .. كـ الناصرى على جبل الجلجلة .. سنكتب لك يا أخانا شعراً ونثراً .. سننثر عند أقدامك خبزاً وخمراً .. وفى نهاية اليوم سنعود لنغفوا بين ظلال النسيان .. وستبقى أنت وحدك .. جئت وحدك وتمضى وحدك .. وتبعث من ظلال الموت وحدك .. وسنبقى نحن كما نحن .. نجارين موهوبين فى صناعة الصليب .. ليصلب عليه أطهرنا وأجملنا .. قرباناً .. يشع نوراً كـ كوكب دري يوقد من شجرة مباركة يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار

"ومت لنعرف كم نُحبك.. كم نُحبك ..
مُت لنعرفَ كيف يسقطُ قلبُكَ الملآن ..
فوق دعائنا رُطباَ جنيّا"

ها أنت أيها المبتسم دوماً .. يا من ليس له مثيلاً فى الطهر .. المصلوب عند "ماسبيرو" .. يا من تنظر إلى مواكبنا الصامتة .. وتسمع ضجيج أقدامنا .. لابد أن تعرف أنك على خشبة الصليب .. المضرجة بدمائك أكثر إجلالاً ومهابة .. من ألف ملك على ألف عرش فى ألف مملكة .. بل أنت وأنت فى دمائك أكثر بطشاً من ألف قائد على ألف جيش فى ألف معركة .. وأقول أنك وأنت مبتسماً أجمل من ألف شهيداً على ألف خشبة أعدام تقص رقابهم المقصلة ..

"فبأيّ آلاء نُكذب؟ من يطهرنا سواك؟ ..
ومن يحررنا سواك؟ .. وقد قُتلت نيابة عنا هناك ..
وكنا نحن هنا .. نجارين .. موهوبين في صُنع الصليب ..
فـ خذ صليبك وأرتفع .. فوق السحاب .. فوق الثُريا .."

تركتنا وذهبت لمملكتك .. واظن أن أخر كلماتك كانت "إني آنست ناراً .. لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى" .. فأحترقت بالنار لتضيئنا .. وأصبحت نجماً فى سمائنا .. نستدل به ولا نستدل عليه .. فأعذرنا يا أخانا لاننا لم نعرف روحك النقية إلا بعد أن رحلت .. سامحنا لأننا لم نعرف أيقونتك البهية .. إلا بعد ان ذهبت .. وأرحمنا لأننا لم نبكى عند أقدامك كـ المجدلية .. إلا بعد أن صُلبت .. فأعذرنا وسامحنا وأرحمنا من جلد الذات .. وعذاب ضمائرنا ..

"كن ميتاً حياً ... وحياً ميتاً .. ليواصل الكهان مهنتهم
وكن طيفاً خفياً ... وكن نجماً قصياً .. وكن سعيداً
وأصعد ما أستطعت .. فأنت اجملنا وأطهرنا ... شهيداً"

لتعلم يا أخانا أن أكليل الشوك على رأسك .. أجمل من كل تيجان ملوك روما .. والمسامير فى كفك أجمل من أساور كسرى أنو شروان .. وقطرات الدماء على قدميك أشد لمعاناً من قلائد زينوبيا وعشتروت

"لم يعتذر أحداً لـ قتلك ..
كلنا قلنا لروما "لم نكن معه" ..
وأسلمناك للجلاد .. فاصفح عن خيانتنا الصغيرة ..
يا أخانا في الرضاعة، لم نكن ندري بما يجري ..
فكن سمحاً رضيا .."

يا أخانا سامحنا ... سامح من ينوحون عليك ... ولا يدرون ... آينوحون عليك أم ينوحون على أنفسهم .. أغفر لهم لأنهم لا يعلمون بأنك صرعت الموت بـ الموت .. ووهبت الحياة والخلاص ... لـ من فى القبور .. فسامحهم..
سامحنا .. يا مينا



"تخطىء لو ظننت أن ذلك الرثاء فى مينا دانيال دون غيره، ولكنى أقول هذا الرثاء فى العشرات من القتلى أمتزجت دمائهم بـ أشلائهم لـ يكون الناتج ذلك الـ مينا دانيال المكلل بـ تاج الأشواك ... لا أعرف أحداً من شهداء ماسبيرو .. ولكنى دوماً أتذكرهم عندما أنظر لـ هذا المبتسم .. مينا إبراهيم دانيال (1991 ـ 2011)"
 
 

قواعد العشق الأربعون

قواعد العشق الأربعون:
"من رواية قواعد العشق الأربعون لـ أليف شافاق "

القاعدة 1
"إن الطريقة التي نرى الله فيها ما هي إلا إنعكاس للطريقة التي نرى فيها أنفسنا. فإذا لم يكن الله يجلب إلى عقولنا سوى الخوف والملامة، فهذا يعني أن قدرًا كبيرًا من الخوف والملامة يتدفق من نفوسنا. أما إذا رأينا أن الله مفعمًا بالمحبة والرحمة، فإنا نكون كذلك". صـ 48

القاعدة 2
"إن الطريق إلى الحقيقة يمر من القلب، لا من الرأس. فاجعل قلبك، لا عقلك، دليلك الرئيسي. واجه، تحدَّ، وتغلب في نهاية المطاف على (النفس) بقلبك. إن معرفتك بنفسك ستقودك إلى معرفة الله. صـ 62

القاعدة 3
"إن كل قارى للقرآن الكريم يفهمه بمستوى مختلف بحسب عمق فهمه. وهناك أربع مستويات من البصيرة: يتمثل المستوى الأول في المعنى الخارجي، وهو المعنى الذي يقتنع به معظم الناس؛ ثم يأتي المستوى الباطني. وفي المستوى الثالث، يأتي باطن الباطن؛ أما المستوى الرابع، فهو العمق ولا يمكن الإعراب عنه بالكلمات، لذلك يتعذر وصفه". صـ 76

القاعدة 4
"يمكنك أن تدرس الله من خلال كل شيء وكل شخص في هذا الكون، لأن وجود الله لا ينحصر في المسجد، أو الكنيسة أو في الكنيس. لكنك إذا كنت لا تزال تريد أن تعرف أين يقع عرشه بالتحديد، يوجد مكان واحد فقط تستطيع أن تبحث فيه عنه، وهو قلب عاشق حقيقي، فلم يعش أحد بعد رؤيته، ولم يمت أحد بعد رؤيته. فمن يجده يبقى معه إلى الأبد" صـ 89

القاعدة 5
"يتكون الفكر والحب من مواد مختلفة. فالفكر يربط البشر في عقد، لكن الحب يذيب جميع العقد. إن الفكر حذر على الدوام وهو يقول ناصحًا:احذر الكثير من النشوة. بينما الحب يقول: لا تكترث! أقدم على هذه المجازفة. وفي حين أن الفكر لا يمكن أن يتلاشى بسهولة، فإن الحب يتهدم بسهولة ويصبح ركامًا من تلقاء نفسه. لكن الكنوز تتوارى بين الأنقاض. والقلب الكسير يخبئ كنوزًا". صـ 100

القاعدة 6
"تنبع معظم مشاكل العالم من أخطاء لغوية ومن سوء فهم بسيط، لا تأخذ الكلمات بمعناها الظاهري مطلقًا. وعندما تلج دائرة الحب، تكون اللغة اللغة التي نعرفها قد عفى عليها الزمن، فالشيء الذي لا يمكن التعبير عنه بكلمات، لا يمكن إدراكه إلا بالصمت". صـ 101

القاعدة 7
"الوحدة والخلوة شيئان مختلفان. فعندما تكون وحيدًا، من السهل أن تخدع نفسك ويخيّل إليك أنك تسير على الطريق القويم. أما الخلوة فهي أفضل لنا، لأنها تعني أن تكون وحدك دون أن تشعر بأنك وحيد". صـ 110

القاعدة 8
"مهما حدث في حياتك، ومهما بدت الأشياء مزعجة، فلا تدخل ربوع اليأس. وحتى لو ظلت جميع الأبواب موصدة، فإن الله سيفتح دربًا جديدًا لك". صـ 112

القاعدة 9
"لا يعني الصبر أن تتحمل المصاعب سلبًا، بل يعني أن تكون بعيد النظر بحيث تثق بالنتيجة النهائية التي ستتمخض عن أي عملية. ماذا يعني الصبر؟ إنه يعني أن تنظر إلى الشوكة وترى الوردة، أن تنظر إلى الليل وترى الفجر. أما نفاذ الصبر فيعني أن تكون قصير النظر ولا تتمكن من رؤية النتيجة". صـ 112

القاعدة 10
"لا يوجد فرق بين الشرق والغرب، والجنوب والشمال. فمهما كانت وجهتك، يجب أن تجعل الرحلة التي تقوم به رحلة في داخلك. فإذا سافرت في داخلك ، فسيكون بوسعك اجتياز العالم الشاسع وما وراءه". صـ 128

القاعدة 11
"عندما تجد القابلة أن الحبلى لا تتألم أثناء المخاض، فإنها تعرف أن الطريق ليس سالكًا بعد لوليدها، فلن تضع وليدهاإذًا، ولكي تولد نفس جديدة يجب أن يوجد ألم. وكما يحتاج الصلصال إلى حرارة عالية ليشتّد، فالحبّ لا يكتمل إلا بالألم". صـ 128

القاعدة 12
"إن السعي وراء الحب يغيّرنا. فما من أحد يسعى وراء الحب إلا وينضج أثناء رحلته. فما إن تبدأ رحلة البحث عن الحب، حتى تبدأ تتغير من الداخل ومن الخارج". صـ 129

القاعدة 13
"يوجد معلمون مزيفون وأساتذة مزيفون في هذا العالم أكثر من عددًا من النجوم في الكون المرئي. فلا تخلط بين الأشخاص الأنانيين الذين يعملون بدافع السلطة وبين المعلمين الحقيقيين. فالمعلم الروحي الصادق لا يوجه انتباهك إليه ولا يتوقع طاعة مطلقة، أو إعجابًا تامًا منك، بل يساعدك على عثأن تقدّر نفسك الداخلية وتحترمها. إن المعلمين الحقيقيين شفافون كالبلور، يعير نور الله من خلالهم". صـ 132

القاعدة 14
"لا تحاول أن تقاوم التغييرات التي تعترض سبيلك، بل دع الحياة تعيش فيك. ولا تقلق إذا قلبت حياتك رأسًا على عقب. فكيف يمكنك أن تعرف أن الجانب الذي اعتدت عليه أفضل من الجانب الذي سيأتي؟". صـ 148

القاعدة 15
"إن الله منهمك في إكمال صنعك، من الخارج ومن الداخل. إنه منهمك بك تمامًا. فكل إنسان هو عمل متواصل يتحرك ببطء لكن بثبات نحو الكمال. فكل واحد منا عبارة عن عمل فني غير مكتمل يسعى جاهدًا للاكتمال. إن الله يتعامل مع كل واحد منا على حدة لأن البشرية لوحة جميلة رسمها خطاط ماهر تتساوى فيه جميع النقاط من حيث الأهمية لإكمال الصورة". صـ 150

القاعدة 16
"من السهل أن تحب إلهًا يتصف بالكمال، والنقاء، والعصمة. لكن الأصعب من ذلك أن تحب إخوانك البشر بكل نقائصهم وعيوبهم. تذكر، أن المرء لا يعرف إلا ما هو قادر على أن يحب. فلا حكمة من دون حب. وما لم نتعلم كيف نحل خلق الله، فلن نستطيع أن نحب حقًا ولن نعرف الله حقًا". صـ 160

القاعدة 17
"إن القذارة الحقيقة تقبع في الداخل، أما القذارة الأخرى فهي تزول بغسلها. ويوجد نوع واحد من القذارة لا يمكن تطهيرها بالماء النقي، وهي لوثة الكراهية والتعصب التي تلوث الروح. نستطيع أن نطهر أجسامنا بالزهد والصيام، لكن الحب وحده هو الذي يطهر قلوبنا". صـ 163

القاعدة 18
"يقبع الكون كله داخل كل إنسان ـ في داخلك. كل شيء ترينه حولك، بما في ذلك الأشياء التي قد لا تحبينها، حتى الأشخاص الذين تحتقرينتم أو تمقتينهم، يقبعون في داخلك بدرجات متفاوتة. لذلك، لا تبحثي عن الشيطان خارج نفسك ـ أيضاً. فالشيطان ليس قوة خارقة نهاجمك من الخارج، بل هو صوت عادي ينبعث من داخلك. قإذا تعرفت على نفسك تمامًا، وواجهت بصدق وقسوة جانبيك المظلم والمشرق، عندها تبلغين أرقى أشكال الوعي. وعندما تعرفين نفسك، فإنك ستعرفين الله". صـ 164

القاعدة 19
"إذا أراد المرء أن يغيّر الطريقة التي يعامله فيها الناس، فيجب أن يغير أولاً الطريقة التي يعامل فيها. وإذا لم بتعلم كيف يحب نفسه، حبًا كاملاً صادقًا، فلا توجد وسيلة يمكنه فيها أن يحب. لكنه عندما يبلغ تلك المرحلة، سيشكر كل شوكة يلقيها عليه الآخرون. فهذا يدل على أن الورود ستنمهر عليه قريبًا". صـ 202

القاعدة 20
"لا تهتمي إلى أين ستقودك الطريق، بل ركزي على الخطوة الأولى. فهي أصعب خطوة يجب أن تتحملني مسؤوليتها. وما إن تتخذي تلك الخطوة دعي كل شيء يجري بشكل طبيعي وسيأتي ما تبقى من تلقاء نفسه. لا تسيري مع التيار، بل كوني أنتِ التيار". صـ 202

القاعدة 21
"لقد خلقنا الله جميعًا على صورته، ومع ذلك فإننا جميعًا مخلوقات مختلفة ومميزة. لا يوجد شخصان متشابهان، ولا يخفق قلبان لهما الإيقاع ذاته، ولو أراد الله أن نكون متشابهين، لخلقنا متشابهين. لذلك، فإن عدم احترام الاختلافات وفرض أفكارك على الآخرين، يعني عدم احترام النظام المقدس الذي أرساه الله". صـ 207

القاعدة 22
"عندما يدخل عاشق حقيقي لله إلى حانة، فإنها تصبح غرفة صلاته، لكن عندما يدخل شارب الخمر إلى العرفة نفسها، فإنها تصبح خمارته رفقي كل شيء نفعله، قلوبنا هي المهمة، لا مظاهرنا الخارجية. فالصوفيون لا يحكمون على الآخرين من مظهرهم أو من عم؛ وعندما يحدق صوفي في شخص ما، فإنه يغلق عينيه ويفتح عينًا ثالثة ـ العين التي ترى العالم الداخلي ـ" صـ 209

القاعدة 23
"ما الحياة إلا دين موقت، وما هذا العالم إلا تقليد هزيل للحقيقة. والأطفال فقط هم الذين يخلطون بين اللعبة والشيء الحقيقي. ومع ذلك، فإما أن يفتتن البشر باللعبة، أو يكسروها بازدراء ويرموها جانبًا. في هذه الحياة تحاشى التطرف بجميع أنواعه، لأنه سيحطم اتزانك الداخلي". صـ 227

القاعدة 24
"يتبوأ الإنسان مكانة فريدة بين خلق الله، إذ يقول عز وجل: (ونفخت فيه من روحي). فقد خلقنا جميعًا، من دون استثناء، لكي نكون خلفاء الله على الأرض. فاسأل نفسك، كم مرة تصرفت كخليفة له، هذا إن فعلت ذلك؟ تذكر أنه يقع على عاتق كل منا اكتشاف الروح الإلهية في داخله حتى يعيش وفقها". صـ 268

القاعدة 25
"إن جهنم تقبع هنا والآن، وكذلك الجنة. توقفوا عن التفكير بجهنم بخوف أو الحلم بالجنة، لأنهما موجودتان في هذه اللحظة بالذات. ففي كل مرة نحب، نصعد إلى السماء. وفي كل مرة نكره، أو نحسد، أو نحارب أحدًا، فإننا نسقط مباشرة في نار جهنم". صـ 269

القاعدة 26
"إن الكون كائن واحد. ويرتبط كل شيء وكل شخص بشبكة خفية من القصص. وسواء أدركنا ذلك أم لم ندرك، فإننا نشارك جميعًا في حديث صامت. لا ضرر ولا ضرار. كن رحيمًا. ولا تكن نمّامًا، حتى لو كانت كلماتك بريئة، لأن الكلمات التي تنبعث من أفواهنا، لا تتلاشى بل تظل في الفضاء اللانهائي إلى ما لا نهاية، وستعود إلينا في الوقت المناسب. إن معاناة إنسان واحد تؤذينا جميعًا. وبهجة إنسان واحد تجعلنا جميعًا نبتسم". صـ 303

القاعدة 27
"يشبه هذا العالم جبلاً مكسوًا بالثلج يردد صدى صوتك. فكل ما تقوله، سواء أكان جيدًا أم سيئًا، سيعود إليك على نحو ما. لذلك إذا كانت هناك شخص يتحدث بالسوء عنك، فإن التحدث عنه بالسوء بالطريقة نفسها يزيد الأمر سوءً. وستجد نفسك حبيس حلقة مفرغة من طاقة حقودة". صـ 308

القاعدة 28
"إن الماضي تفسير، والمستقبل وهم. إن العالم لا يتحرك عبر الزمن وكأنه خط مستقيم، يمضي من الماضي إلى المستقبل. بل إن الزمن يتحرك من خلالنا وفي داخلنا، في لولب لا نهاية لها". صـ 317

القاعدة 29
"لا يعني القدر أن حياتك محددة بقدر محتوم. لذلك فإن ترك كل شيء للقدر، وعدم المشاركة في عزف موسيقى الكون دليل على جهل مطلق". صـ 325

القاعدة 30
"إن الصوفي بحق هو الذي يتحمل بصبر، حتى لو اتُهم باطلاً، وتعرض للهجوم من جميع الجهات، ولا يوجه كلمة نابية واحدة إلى أي من منتقديه. فالصوفي لا ينحي باللائمة على أحد. فكيف يكن أن يوجد خصوم أو منافسون أو حتى آخرون في حين لا توجد نفس في المقام الأول؟ كيف يمكن أن يوجد أخد يلومه في الوقت الذي لا يوجد فيه إلا واحد؟". صـ 330

القاعدة 31
"إذا أردت أن تقوي إيمانك، فيجب أن تكون لينًا في داخلك. لأنه لكي يشتد إيمانك، ويصبح صلبًا كالصخرة، يجب أن يكون قلبك خفيفًا كالريشة. فإذا أصابنا بمرض، أو وقعت لنا حادثة، أو تعرضنا لخسارة، أو أصابنا خوف، بطريقة أو بأخرى، فإننا نواجه جميعًا الحوادث التي تعلمنا كيف نصبح أقل أنانية وأكثر حكمة، وأكثر عطفًا. وأكثر كرمًا. ومع أن بعضنا يتعلم الدرس ويزداد رقة واعتدالاً، يزداد آخرون قسوة. إن الوسيلة التي تمكنك من الاقتراب من الحقيقة أكثر تكمن في أن يتسع قلبك لاستيعاب البشرية كلها، وأن يظل فيه متسع لمزيد من الحب". صـ 353

القاعدة 32
"يجب ألا يحول شيء بين نفسك وبين الله؛ لا أئمة، ولا قساوسة، ولا أحبار، ولا أي وصي آخر على الزعامة الأخلاقية أو الدينية، ولا السادة الروحيون، ولا حتى إيمانك. آمن بقيمك ومبادئك، لكن لا تفرضها على الآخرين، وإن كنت تحطم قلوب الآخرين، فمهما كانت العقيدة الدينية التي تعتنقها، فهي ليست عقيدة جيدة". صـ 356

القاعدة 33
"على الرغم من أن المرء في هذا العالم يجاهد ليحقق شيئًا ويصبح شخصًا مهمًا، فإنه سيخلف كل شيء بعد موته". صـ 384

القاعدة 34
"لا يعني الاستسلام أن يكون المرء ضعيفًا أو سلبيًا، ولا يؤدي إلى الأيمان بالقضاء والقدر أو الاستسلام، بل على العكس تمامًا. إذ تكمن القوة الحقيقة في الاستسلام ـ القوة المنبعثة من الداخل. فالدين يستسلمون للجوهر الإلهي في الحياة، يعيشون بطمأنينة وسلام حتى عندما يتعرض العالم برمته إلى اضطراب تلو الاضطراب". صـ 420

القاعدة 35
"في هذا العالم، ليست الأشياء المتشابهة أو المنتظمة، بل المتناقضات الصارخة، هي ما يجعلنا نتقدم خطوة إلى الأمام. ففي داخل كل منا توجد جميع المتناقضات في الكون، لذلك يجب على المؤمن أن يلتقي بالكافر القابع داخله. وإليثى أن نصل إلى اليوم الذي يبلغ فيه المرء مرحلة الكمال، مرحلة الإنسان المثالي، فإن الإيمان ليس إلا عنلية تدريجية، ويستلزم وجود نظيره: للكفر". صـ 444

القاعدة 36
"لقد خُلق هذا العالم على مبدأ التبادل؛ فكل امرئ يكافأ على كل ذرة خير يفعلها، ويعاقب على كل ذرة شر يفعلها. لا تخف من المؤامرات، أو المكر، أو المكائد التي يحيكها الآخرون؛ وتذكر أنه إذا نصب لك أحدهم شركًا، فإن الله يكون قد فعل ذلك. آمن بذلك ببساطة وبصورة تامة. فكل ما يفعله الله، يفعله بشكل جميل". صـ 473

القاعدة 37
"إن الله ميقاتي دقيق. إنه دقيق إلى حد أن ترتيبه وتنظيمه يجعلان كل شيء على وجه الأرض يتم في حينه، لا قبل دقيقة ولا بعد دقيقة. والساعة تمشي بدقة شديدة بالنسبة للجميع بلا استثناء. فلكل شخص وقت للحب ووقت للموت". صـ 477

القاعدة 38
"ليس من المتأخر مطلقًا أن تسأل نفسك، هل أنا مستعد لتغيير الحياة التي أحياها؟ هل أنا مستعد لتغيير نفسي من الداخل؟". صـ 482

القاعدة 39
"يوجد انسجام كامل وتوازن دقيق في كل ما في الكون وكل ما فيه. وتتغير النقاط باستمرار، وتحل إحداهما محل الأخرى، لكن الدائرة تظل كما هي". صـ 492

القاعدة 40
"لا قسمة للحياة من دون عشق. لا تسأل نفسك ما نوع العشق الذي تريده، روحي أم مادي، إلهي أم دنيوي، غربي أم شرقي … فالانقسامات لا تؤدي إلا إلى مديد من الانقسامات. ليس العشق تسميات ولا علامات ولا تعاريف. إنه كما هو، نقي بسيط. العشق ماء الحياة. (والعشق هو روح النار) (يصبح الكون مختلفًا عندما تعشق النار الماء)". صـ 500


"ستبقى تلك الكلمات بهية كبهاء وجه يوسف .. أشكر الرائع مولانا عبد الوهاب الذى عرفنى بـ تلك الأيقونة الروائية البهية"
 
 #Bluefairie




ميكى كوهين



مكتوب على شاهد قبر مولانا جلال الدين الرومى:
يا من تبحث عن مرقدنا بعد شد الرحال ..
قبرنا يا هذا فى صدور العارفين من الرجال ..



Miki Cohen رجل يهودى أسرائيلى، 60 عاما، مولود فى بلدة قريبة من تل أبيب، لعائلة من الطبقة المتوسطة، شارك فى حرب أكتوبر كان جندى مسعف فى الجيش الإسرائيلى، وذات ليلة شتوية يقوم مولانا "ميكى كوهين" ليتسائل عن ماهية وجوده والجدوى من تلك الحياة التعيسة التى لا يوجد بها الحب الا نادراً، يفكر فى كيفية الوصول لـ السلام النفسى والراحة الروحانية، يحاول الدخول فى الروحانية اليهودية ويفشل، يمضى عامين فى معبد هندوسى بـ تل أبيب ويفشل، يسافر فى رحلة للولايات المتحدة يتعلم فيها الكونج فو ويدرس الفلسفة وعلم النفس ثم يعود لـ موطنه، ظل سنوات يبحث عن السلام النفسى والهدوء الروحى حتى وجد بالصدفة كتاب لـ مولانا "جلال الدين الرومى" تعمق فى صوفية جلال الدين الرومى وبساطة حياة المسلمين المتصوفة وتعمق فى طريقة المولوية "الرقص الدائرى" .. ومع ازدياد انبهار ميكى كوهين بتعاليم الرومي بدأ ينسى مظاهر الحياة اليومية، وأغلالها التى تلتف حول عنق الإنسان، ميكى تحرر من كل شىء، فانفصل عن زوجته وترك وظيفته، وبدأ بالترحال. وقرر في عام 2005 الذهاب الى مدينة قونية التركية لزيارة قبر مولانا الرومي، وفي طريقه إلى تركيا إلتقى بالصدفة بأتباع أخرين للطريقة المولوية الصوفية الذين دعوه إلى قضاء أسبوع معهم لتعلم الرقص الدائري .. والتعمق فى طريقتهم


"نفسى، أيها النور المشرق، لا تَنأى عنى لا تنأى عنى
حبى، أيها المشهد المتألق، لا تنأى عنى لا تنأى عنى
انظر إلى العمامة أحكمتها فوق رأسى
بل انظر إلى زنار زرادشت حول خصرى
أحمل الزنار، وأحمل المخلاة
لا بل أحمل النور، فلا تنأى عنى، لا تَنأى عنى
مسلم أنا، ولكنى نصرانى وبرهمى وزرادشتى
توكلت عليك أيها الحق الأعلى، فلا تنأى عنى لا تنأى عنى
ليس لى سوى معبد واحد، مسجداً كان أو كنيسة أو بيت أصنام
ووجهك الكريم فيه غاية نعمتى، فلا تَنأى عنى لا تَنأى عنى"



ميكى كوهين ذلك اليهودى الإسرائيلى يتلقى دعوة للدخول في قلب العالم الإسلامي .. شىء يجعلك تتعجب، ميكى كوهين نفسه بيصف هذه الدعوة بأنها كانت سبب أنه يجد السلام الداخلي الذي كان يبحث عنه لسنوات طويلة هناك وسط الأنشاد والرقص الدائري الصوفي، ورغم الحاجز اللغوي بين ميكى وبين المتصوفة، ورغم الشك والريبة من قبل الاخرين, فأن تفاني ميكى كوهين ساعده على أن يتم قبوله كرجل من أهل الطريقة المولوية، ميكى كوهين لم يشهر اسلامه، ولا يريد أن يشهر إسلامه .. فهو قد أهتدى للروح النورانية التى لا تجعله يفكر فى آديان أو ملل .. ميكى كوهين من وقت لـ أخر يذهب لـ تركيا لزيارة اصدقائه المتصوفة واخوته فى الطريقة المولوية.


ميكى كوهين اليوم في "كرفان" موجود في منطقة معزولة عند تلة صخرية شمال غرب اسرائيل، وكل يوم مع بدء شروق الشمس يدور ميكى كوهين ببطء في رقص دائري تأملي مشهورة به الطريقة المولوية الصوفية، ويسرع كوهين الرقص توافقا مع إيقاع الموسيقى الصوفية الصادرة من هاتفه

ميكى كوهين بيقول: "لا أستطيع ان اصف فرحة قطع الاتصال بكل شيء، كل مكونات حياتي اليومية تتداخل وللحظة هناك شعور عميق بالتناغم وبالنسبة الي هذا هو السحر"

"ولقد شهدت جماله فى ذاتى
لما صفت وتصقلت مرآتى
وتزينت بجماله وجلاله
وكماله ووصاله خلواتى
أنواره قد أوقدت مصباحى
فتلألأت من ضوئه مشكاتى"

مجموعة صور لـ ميكى كوهين ..
http://www.gettyimages.co.uk/detail/news-photo/miki-cohen-a-jewish-israeli-man-who-is-a-follower-of-islams-news-photo/150907356
 
 
 
 

17‏/10‏/2013

حصان نيتشه


3 يناير 1889 .. إيطاليا .. تحديداً فى مدينة تورينو .. فريدريش نيتشه 45 عاماً يخرج من المنزل رقم 6 ، يقال أنه كان خارج للنزهة أو للمرور على مكتب البريد ليستلم رسائله، وفى مكان ليس ببعيد عنه كان هناك حوذى "عربجى" يعانى من حصانه الذى وقف بلا أدنى حركة، يقال أن الحصان كان مجهد ومتعب للغاية ورغم ألحاح الحوذى لم يستطيع الحصان التحرك، عندها فقد الحوذى صبره وأخرج السوط وأنهال على الحصان ضرباً .. فى هذه اللحظة يصل نيتشه لنفس المكان، ويضع حداً لهذا المشهد المأساوى الذى يقوم به السائق، وفجأة يقفز نيتشه إلى العربة ويحتضن الحصان بكلتا يديه ويدخل فى نوبة نحيب وبكاء هيستيرى وسط دهشة الحوذي والمارة ثم يغمى عليه ويقع على الأرض وكأن قوته قد خانته بعد الدفاع الحار عن الحيوان، فيأخذوه إلى منزله الذى ظل فيه غائب عن الوعى لمدة يومين، ليفيق بعدها ويظل صامتاً وهادئا إلى أن يقول كلماته الأخيرة التي نطق بها: "أماه، كم أنا أحمق" .. بعدها عاش نيتشه مصاباً بلوثة عقلية 11 سنة أخرى صامتاً شارد الذهن، مضطرب العقل في هدوء، متنقلاً بين المصحات العقلية حتى مات فى سويسرا وهو ترعاه أمه واخوته، أما الحصان فلم يعلم احد عنه شيئاً ..

الفيلسوف نيتشه الذى مجد القوة والبطش وتنبأ بالأنسان السوبر، الفيلسوف الذى ألهم هتلر روح النازية، الفيلسوف الذى قال أن الرحمة ستؤدى إلى تضاعف أعداد الضعفاء والمهازيل، كان عطفه الإنساني على حصان منهك القوى سبباً لجنونه وكان رغم كراهيته للرحمة كان أمس الناس لها فى نهاية حياته .. نيتشه التى طافت أفكاره المتطرفة كل العالم يقع فريسة موقف قد يراه البعض موقفاً عادياً بينما ذلك الفيلسوف رأى ذلك الموقف عميقاً ليمس تلك الروح المرهفة التى رأت فى النهاية أنه مسئول عن أستجلاب تلك الأفكار الكارثية، ليكتشف فى نهاية حياته أنه عاش أحمق.
 
فى نهاية حياة نيتشه .. خبأ نور عينيه وظل ملازماً الفراش إلى يوم وفاته سنة 1900 وكشف المراسلات التي تبادلها صديقه أوفرباخ مع والدة الفيلسوف وأخته عن مآسٍ لا حصر لها، لأنها وصفت حالة نيتشه بالتفصيل بعد إصابته بالجنون وذهاب عقله كما دلت على الصبر والتضحية من جانب السيدتين لرعايته "رحمة به" ...


"أحبك نيتشه .. لأنك جعلت زرادشت يتكلم .. ولأنى أتخيلك دوماً محتضناً عنق حصانك، غارقاً في نحيب هستيري رحمة به" 
 
 
 نيتشه مع والدته فى نهاية حياته

 

11‏/10‏/2013

لالى ..


ولو تدوينتى يا بنت العم تكفى .. لأغرفلك بحر النيل والله بـ كفى كلام ... وكلام



 "لالي  .. بنورك يا بدر الليالي .. انا رايد تكوني حلالي .. وعنيكي سهري وموالي  .. وقمر ترحالى"


قريت "قواعد العشق الأربعون" ..
ليها أثر السحر على لسانى ..
لكن أنا عايز أكلمك فى المضمون ..
مضمون أنى بقيت أنسان تانى ..
كل شىء فيا أتغير ..
أفعالى نظراتى وحروفى وكلامى ..
حسيت أنى رجعت صغير ..
ماسك كراسى ورايح الدرس لـ أبلة صباح ..
لما كنت بقابل هناك البنت عزيزة ..
حاسس أنى بقيت مرتاح .. 
من غير الفلوس والسلسلة والمفتاح ..
من غير رصيدى فى البنك والفيزا ..
دى حاجات مبقاش فيها ميزة ..
وبعد سنيين طويلة ..
كانت عيونى فيهم مقفولة ..
بقيت بسببك مولود عفى ..
لا محتاج حفاض ولا كفولة ..
ولا عادش قلبى حبيس ..
ولا رجلى مشلولة ..
فهمت صوت الحمام .. وبفسر الأحلام ..
وخطفت كيس الكلام من أمنا الغولة ..
هو أنا أنا ؟؟! معقولة ؟؟ ..
وشوف يا ملاكى شوف ..
طرحت فى رسايلى الحروف ..
ومنتظرك لـ اخر شوف .. علشان أكمل القولة ..
منتظرك ..


"غالي .. غالي  .. يا غصن بان في الهوا مايل .. وهواكي وراني هوايل .. اه يا شعرك ليل وراحل .. علي الخصر الناحل"




فايت ديارى ..
فايت صحابى ..
فايت مدارى ..
وشابط فى ضلك ..
وبحلم يا حلوة أقولك ..
أقولك ساعتها .. وأقول كمان
كان ياما كان ..
الصدر تعريشة حنان ..
والقلب زى الكهرمان ..
والروح مليانة نور ..
وردة وطرحت فى المكان ..
لكن أوانها كان غير الاوان ..
وردة وعايزة ..
عايزة تهاجر .. ولفين تسافر
دا مفيش مكان فيه المكان الورد طارح فى المكان
ولفين تهاجر .. والزمان .. هو الزمان
ومفيش آمان .. مفيش آمان ..


لالا ولا لا  يا صبر محالة  .. على الرمل بأخد ترسالة .. وسهام رمشك قتالة  .. ولفين رحالة"

أنا نجم تايه فى السما .. وانت المدار
أنا طير مهاجر أنما .. أنتا الديار
أنا مكعب تلج نفسه يحضنك
لكن خايف .. خايف يا شمساية
يالى نارك .. بتنورلنا النهار
أنا طير وجناحاتى مليانة ريش
برسم حروفك ..
وأرسم كفوفك ..
وأرسم حضورك .. فى الخيال
وبحلم أعيش ..
عصفور وطاير فى الفضا ..
وفاضى .. ومفيش
ومفيش عندى غير حبك ..
وخبطتين فى القلب ..
خبطة فيهم بتنطق أسمك ..
وخبطة تانية بيها أعيش ..


"ليلة ليلة ليلة ليلة .. واسهر ليالي ليلة ليلة ليلة .. وأنا عاشق وماليش حيلة .. أنا خدت الصبر وسيلة .. في هواكي يا ليلة" 


وانا المغلوب بعشقك ..
زى المسيح مصلوب ..
 فوق جبل الجلجلة ..
صوتى عامل بلبلة ..
فى الصمت بصرخ انا ..
لكن نهايتى .. الموت ..
مرت فصول السنة ..
وكل السنيين بتفوت ..
 وأنا اللى كنت شباب ..
بشم ورد الجنايين ..
وبزرع اللبلاب ..
وقلبى كان كبير ..
لا يحوشه سور ولا باب ..
والخضرة فى كفوفى ..
والفل والعناب ..
فاتنى الزمن وحدانى ..
أتحدى وحدى الخوف ..
لكن طول ما الغنا فيا ..
والأرض مملكتى ..
ما تنتهى حكايتى ..
وأن نسيوا غناويا ..
هصرخ بعلو الصوت ..
أنا مت ثم صحيت ..
وهصحى بعد ما أموت ..

"شاري  .. انا اللي راحت البال كانت راس مالي ..  كان مال العشق ومالي  .. من يوم ما ضحكلي غزالي .. بدل احوالي"

يابدر غايب من زمان ..
أظهر وبان ..
دا الليل بيفرد ضلمته ..
فوق الحيطان ..
والدنيا سودا وضيقة ..
وانا المبحوس فى شرنقة ..
ملهاش بيبان ..
الشمس غايبة ..
والسما متكتفة ..
وفى لحظة حبنا وقف الزمان ..
يا بدر غايب ..
اظهر وبان ..
أظهر وبان ..









"لفيت بلاد اه وبراري  .. وانا شاري يا نور مداري .. انا دارك وعنيكي داري .. قنديلي وناري"




 

04‏/10‏/2013

Papa où t'es


- أبويا: "أنا ماخترتش أكون يتيم .. أنا عشت يتيم الأب من وأنا عندي عشر سنين عشان أبويا مات .. شىء مش بأيدى ومكنش عندى رفاهية الأختيار أنى أكون يتيم أو لا، أنما أنتَ اخترت تعيش يتيم الأب بنفسك من زمان، رغم أنى عايش معاك، وبشوفك كل يوم تقريباً أنما دا كان أختيارك أنت، وكل واحد فى الحياة بيتحمل نتيجة خياراته، عموماً اللي باقي لينا سوا أقل بكتير من اللي فات. بس أنا نفسي بس أعرف ليه أختارت الأختيار دا ؟! "

- أنا: "بصراحة السؤال ده مينفعش  إنى أنا اللي أشيل هم إجابته لوحدي، انتَ اللي ربيتني مش العكس، بداية تشكيل علاقتنا كانت في إيدك انتَ مش أنا، انتَ اللي أثّرت فيّ الأول مش العكس، وانا كنت رد فعل ليك مش العكس، أنتا اللى أجبرتنى أختار أنى أكون يتيم، دا أنتا حتى جاى تسألنى ليه اختارت كدا بعد سنيين طويلة، دا أنتا حتى أستكترت تقرب منى لما حسيت أنى أختارت أنى أكون يتيم .. جاى تقولى دلوقت "ليه" .. السؤال الصح كنت فين أنتا طول المدة دى ؟؟"

-أبويا: "أنا مقصرتش فى تربيتك أنتا واخواتك، أنا عشت طول عمرى يتيم بصرف على نفسى وعلى اخواتى، أتذليت وشوفت الحياة وهى بتقسى على اللى مالوش ضهر .. كان نفسى فى حد يشيل الحمل عنى، كل لحظة صعبة مرت عليا لسة فاكرها، ولأنى عارف أن بكرة مش مضمون لا للشاب ولا للمسن فكنت خايف أسيبكم فجاة من غير ضهر، كرهت أنك أنت بالذات تشوف اللى أنا شوفته .. أنا عملت كل حاجة أقدر عليها علشان أضمنلك أنت واخواتك مستقبل كويس، أضمنلكم أنكم متعرفوش المعاناة اللى عرفتها فى حياتى .. حتى لما أنتا أختارت تكون يتيم .. مسألتكش عملت كدا ليه .. قولت بكرة يعرف ويوعى ويفهم انا عملت كل دا ليه .. أعز أصدقائى مرة حكالى ع القهوة عن قصته مع والده قالى أنه لما كان عنده خمس سنيين كان بيعتبر أن أبوه هو أفضل شخص على كوكب الأرض .. ولما وصل لـ 10 سنيين كان شايف أن أبوه هو العالم ببواطن الامور وانه يعرف كل الناس ويعرف اى شىء بيسأله عنه .. لما وصل لـ 12 سنة كان شايف ان أبوه شخصية تتحب جداً بس خلقه بدأ يضيق .. وهو عنده 15 سنة كان شايف أن أبوه بدأ يكون حاد جداً فى تصرفاته .. وهو عنده 18 سنة شاف أن أبوه بدأ يكون ممل ولا يطاق .. وهو عنده 20 سنة بدأ يشوف أبوه أنه غير قادر على أستيعابه .. وهو عنده 23 سنة كان شايف أنه صعب يتفق مع أبوه على حاجة واحدة .. وهو عنده 25 سنة شاف أنه بقى عنده حالة أستغراب أزاى أمه قادرة تتحمل الكائن دا .. وهو عنده 30 سنة شاف ان أبوه رباه على ضوابط وحاجات معينة ولازم يعمل نفس الشىء مع ولاده .. وهو عنده 40 سنة سأل نفسه ازاى قدر أبويا يربينى انا واخواتى .. وهو عنده 45 سنة عرف أنه صعب التحكم فى ولاده وان أبوه كان ذو نظرة بعيدة وخططه فى الحياة كانت سليمة .. وهو عنده 50 سنة كان شايف أن أبوه
هو أفضل شخص على كوكب الأرض .. صديقى أحتاج لـ سنين طويلة علشان ينهى دورة كاملة ويوصل لـ نقطة البداية لما كان عنده خمس سنيين .. عارف انك مش هتعرف قيمة اللى انا بعمله دلوقت .. ومتاكد انك هتعرف قيمتها بعدين"
-أنا: "هو أنتا ليه محاولتش تقرب منى بأعتبار أنى أبنك ؟؟ .. أنتا ولا مرة قولتلى أنتا عامل أيه فى حياتك، عندك مشاكل ولا لا، من وأنا صغير وأنتا بتجبرنى أنى أكون يتيم مش لأنك صعب فى التعامل أو شديد عليا أنا وأخواتى، لا.. لأنك غير مهتم بينا أساساً، أنتا ولا مرة مارست دور الأب عليا، المشكلة أنك معرفتش تكون آب، ودى مشكلتك أنت مش مشكلتى ... لو أنت فاكر أن الأب كل دوره أن يأكل ولاده ويحوشلهم فلوس يبقى أيه الفرق بينك وبين وديعة فى البنك ؟!"

-أبويا: "علشان كدا بطلت تاخد منى فلوس من زمان؟! "
-أنا: "أنا بطلت أخد منك فلوس لأنى محبتش أن يكون كل علاقتى بيك علاقة مادية بحتة، كرهت أن يكون وجودك مرتبط بالفلوس بس، أستنيتك تسألنى ليه بطلت أخد منك فلوس علشان أقولك حاجات كتير .. للأسف أنتا مسألتش .. حتى دى كنت غير مهتم بيها"
-أبويا: " أنا مكنتش حابب أنى أكون أب سلطوى يكرهكم فى حياتكم، حبيت يبقى عندكم حرية الأختيار، حبيت يكون عندكم إرادة حرة ومن اخطائكم الحياة تعلمكم"
-أنا: " وساعتها هيكون لازمتك أنتا أيه ؟؟ .. ليه كنت مصمم أننا لازم نتحرق بالنار علشان نبطل نمسكها مع أنك لو كنت خوفتنا منها كنا هنسمع كلامك، الحكاية مش حرية أختيار ولا إرادة حرة .. الحكاية حكاية عدم أهتمام، تعرف أنك عمرك ما أفتكرت عيد ميلادى، عمرك ما جبتلى مجلات الأطفال معرفش أنتا كنت عارف أنا بحبها ولا لا، عمرك ما سألتنى عامل أيه فى دراستك، عمرك ما قولتلى على حاجة غلط، مقولتليش أن غلط أنى أشرب سجاير أو مخدرات، أنا صحابى كلهم بيشربوا سجاير ومنهم اللى بيشرب مخدرات بس أنا عمرى ما شربت لا سجاير ولا مخدرات وأعتقد أنك غير مهتم تعرف بشرب ولا لا، حتى لما لاقيت علبة سجاير على مكتبى مسألتش بتاعة مين، عمرك ما قولتلى السهر برة البيت لوقت متأخر غلط، صحابى كلهم كانوا يقعدوا يقولوا أنهم هيروحوا البيت لأنهم مش عايزين زعيق من آبهاتهم إلا أنا مكنش حد بيزعقلى أبداً حتى لو قعدت برة البيت يومين ورا بعض، عمرك ما سألتنى بحب ولا مبحبش، حتى لما أغلب صحابى اتجوزوا مسألتنيش ناوى أتجوز أمتى؟ ، أنا عندى 30 سنة ومفتكرش أخر مرة سألتنى على حاجة تخصنى كانت أمتى ؟؟ .. أنتا ولا كنت ميت ولا كنت موجود .. ودا شىء صعب فى حد ذاته .. حتى أنتا جاى دلوقت تحكيلى قصة صاحبك وتقولى أنى هعرف قيمتك بعدين، ومش عارف أيه اللى كان مانعك أنك تعرفنى قيمتك طول المدة دى؟ .. المضحك أنك مصمم تكون متجاهل وجودى وبتسألنى فى نفس الوقت أنا أختارت أكون يتيم ليه، حتى سؤالك دا مسألتوش إلا لما عرفت أن طلب الهجرة بتاعى أتقبل وأنى هسافر فى خلال كام شهر، مخبيش عليك كنت مستنيك تتكلم معايا لأنها جايز تكون أول وآخر مرة تتكلم فيها معايا فى موضوع يخصنى، أنتا فى أول كلامك قولت أن اللى باقى لينا سوا أقل بكتير من اللى فات، أقل مما تتصور كمان .. بيقولوا أن الحياة دايما بتعطينا فرصة علشان نتغير ، متهيألى الحياة بتمنحك فرصة مش علشان تتغير علشانى ، حاول تغير نفسك علشان أخواتى .. مضطر أمشى علشان فى حاجات كتير لازم أشتريها، وأن شاء الله الايام اللى باقيلنا مع بعض يعدوا على خير وسلام .. سلام"
 
 


"ربما تكون في هذا اليوم المرة الأخيرة التي ترى فيها أولئك الذين تحبهم . فلا تنتظر أكثر، تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتي ولا بد أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقت من أجل ابتسامة، أو عناق، أو قبلة، أو أنك كنت مشغولاً كي ترسل لهم أمنية أخيرة. حافظ بقربك على مَنْ تحب، إهمس في أذنهم أنك بحاجة إليهم، أحببهم واعتني بهم، وخذ ما يكفي من الوقت لتقول لهم عبارات مثل: أفهمك، سامحني، من فضلك، شكراً، وكل كلمات الحب التي تعرفها. لن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار، فاطلب من الربّ القوة والحكمة للتعبير عنها. وبرهن لأصدقائك ولأحبائك كم هم مهمون لديك"جابرييل جارسيا ماركيز

22‏/09‏/2013

عن طارق ..


 طارق .. انا عمرى ما عرفت طارق .. ولا حتى أعرف شكل طارق .. بس مؤكد أنى حسيت بروح طارق
قابلت طارق مرة فى تدوينة ... مش هو شخصياً .. لكن تدوينة بتكلم عنه .. عن روحه
تدوينة كتبتها حبيبة طارق .. بتفتكره فيها .. لأنه مات من 8 سنيين
 أول مرة تدوينة تأثر فيا لدرجة أنى أنوى من يوميها أنى أكتب عن طارق ..
لدرجة أنى دمعت فى أخرها .. دمعت على طارق ..
من ساعتها كل ما أفتكره بقول "الله يرحمك يا طارق"

التدوينة دى أهداء لـ روح طارق ...
 لو فى يوم صاحبة التدوينة الأصلية وافقت أنى أنشر لينك التدوينة الأصلية ... هنشره ..

"تحديث": التدوينة الأصلية .. Ode to tarek






 "أنا كنت عاشق زي كتير ..
 فقير وبيكي هبقى أمير .."

إنتا كنت حلو أوى يا طارق، مش بقصد خلقتك يعنى .. 
بلاش تتقمص، ومتفهمنيش غلط ومتكشرش بس إستنى ياعم متبقيش حمئي كده ..
أقصد ان مش خلقتك بس ... لا وكمان روحك :)
 أنا مشفتكش بقالى زمان 8 سنيين تقريباً، بس ملامحك دى محفورة جوايا..
ماتهتش وسط الوشوش صدقنى .. بحس إنك واحشانى أوى
بص يا طارق ..
مفيش حاجة سهلة فى الدنيا زى كتابة الذكريات ..
أى حد فى الدنيا يعرف يكتب ذكريات وذكريات حلوة كمان ..
بمنتهى السهولة يقدر يخليك تضحك تبتسم جسمك يقشعر ولو واحد محترف كتابة ممكن يخلى عينيك تدمع ..
الذكريات وتر حساس جداً فى حياتنا، أى حركة بسيطة ليه كفيلة بإثارتنا عاطفياً ..
يمكن علشان كده مش عايزة أتكلم عن أى ذكريات مشتركة مابينا ..
بحاول أكون هادية عاطفياً الأيام دى، بمعنى أكثر صراحة باردة عاطفياً ..
مش عايز أى نوع من أنواع الأثارة العاطفية ..
مهما كانت ذكريات قليلة أفضل إنها تبقى مابينا ..
بس الذكرى دى مقدرش أمنع نفسى عن كتابتها ..
يمكن علشان أقربهم لقلبى، يمكن علشان كل مبفتكرها بضحك، وساعات بعيط..



"رسمت قصرك في خيالي ..
 فضلت أحاصرك بآمالي.."


أنا : أنا إمبارح ماما زعقتلى بسببك ..
طارق: أنا ليه كده ..
أنا : علشان إنتا قولتلى إنك بتطير كل يوم بليل الساعة تلاتة، صح مش إنتا قولتى كده 

طارق: اه صح
أنا : طيب ماشى أنا فضلت صاحية إمبارح بليل لحد الساعة تلاتة ودخلت البلكونة وفضلت مستنياك إنك تطير بس إنتا ما طيرتش ولا حاجة وماما دخلت لقتنى قاعدة سقعانة فى البلكونة وزعقتلى وقالتلى إنتى كده حيجيلك برد، بس أنا مارضتش أفتن عليك على فكرة
طارق : بس أنا طرت إمبارح والله ..
أنا : بجد والله طب طيرت روحت فين ..
طارق: فاكرة لما فضلت أقولك ان حصان البحر مش كائن خيالي بعد ما اصطدناه عشان تبطلى عياط ؟!
أنا : اه فاكرة ..

طارق: بعد ما روحنا فضلت أطير وأقطفلك فى ورد علشان عارف أنك بتحبى الورد رغم انك بتقعدى تزعقيلى أن الورد هيموت ... بس انا عارف انك بتحبى الورد :) .. يوميها فضلت أطير لحد ما تعبت روحت طرت تانى و رجعت بيتنا، إنتى مشوفتنيش إزاى؟! 
أنا : إنتا بتكدب والله، محدش أصلاً بيعرف يطير هه، وكمان الورد مش بيبقى موجود بلليل، إزاى بقى قطفته ؟؟ ..
طارق بزعل : خلاص لو مش عايزة تصدقينى متصدقينيش،  بس لعلمك أنا مش كداب ومتجيش تقعدى عند الكشك بقى مع واحد كداب تانى يا ريت ..
أنا : خلاص يا طارق مصدقك :)) .. يا بتاع الياسمين، مين ينده لك مين؟ واحنا معانا الفل :)



 "لحد م أنتي يا حلم بعيد..
لقيتي حالك من حالي.."

 
ساعات وتحت تأثير النفسية المضطربة ..

أقعد أقول أنك كنت شخصية وهمية لا أساس لها من الصحة..
فـ أروح لأمى وأقعد أكلمها فى أى حاجة 
وفى النص أقوم أسئلها "فاكرة طارق ولا نسيتيه يا ماما؟!" ..
ترد وتقولى "كان على بالى والله أمبارح وقعدت أدعيله ... الله يرحمه"


"مشيت وإيدك في ايديا..
مش يوم لا لا لأ مية.."
"حضنت صورتك في عينيا..
حب وحنية"


حاول تعرف معايا يا طارق معنى كلمة حزن ..
أنا شخصية لا تجيد التعبير عن مشاعرها خاصة الحزن ..
عادةً أنا لا أضحك فقط أبتسم، أو أضحك مجاملة، ضحكى النقى بقى نادر جداً ..

الحزن يا طارق ممكن يكون صداع هو ده اللى ممكن أقوله ..
تعرف ..
ف يوم رجعت بيتنا مصدعة .. مددت على سريرى وأفتكرتك

أفتكرت  اول يوم اتقابلنا في ابتدائي ومحدش رضي يقعدني وانت وسعت لي مكان جمبك وقعدتنى :)
فضلت أضحك يوميها ..  :))


"ولما كنت أعطش وأضيع..
كنت أترمي في أجمل تقاطيع.."
"ألاقي فيهم كنز كبير..
م أنا عاشق زي كتير"



عملت كوباية شاى ودخلت البلكونة...

لقيتك واقف قدامى ساند على السور وبتبص على الشارع ..
كنت عارفة إنك من وحى خيالى ..

بس أنا عمرى ماصدقت خيالى أد الساعة دى ..
ماكونتش ساعتها لابس أبيض فى أبيض ووشك بيشع بنور ملائكى ..
أنا خيالى مش ساذج أوى كده ..
كنتى عادي جداً وجميل جداً ..
مكونتش بتكلم ساعتها كنت عمال أبصلك وأنا فرحانة ..

كنت عايز أقولك كل حاجة وأى حاجة .. 
كنت هقولك تعالى نلعب مع الضفادع  اللي في الجنينة اللي ف ضهر المدرسة ..
كنت هقولك تعالى نروح المول نجري ورا بعض زى زمان ..
كنت هقولك تعالى ناكل جيلاتي ع البحر والدنيا بتشتي ..


"إحساسي قالي إني أستاهلك..
فكرت تبقيلي حلالي.."
"جريت عليكي أندهلك..
وحصاني ناطط في العالي"


أنا: سيبك من لعب العيال دا :)) .. أنا من 8 سنيين وانا نفسى أقولك حاجة مهمة
طارق: أيه يا ترى الحاجة المهمة دى :))
أنا: إنت ليه مطلعتش شبه توم كروز يا طارق ؟!
 طارق: خلقة ربنا :)
أنا: أو حتى براد بيت :)
طارق: مممممممممممممم
أنا: ساكت ليه ؟؟!
طارق: يعنى أنا لو شبه واحد فيهم كنت هبصلك ليه؟!
أنا: نعم ؟؟ ... بتقول أيه ؟؟!
طارق: قصدى يعنى أن أكيد مافيش واحد فيهم كان هيحبك أدى :))


 "اكمني عاشق على قدي..
والحب والهوى راسمالي..
"رجعت.. ايدك يا حبيبتي مش في ايديا"


 
طارق: على فكرة أنا عارف إنتى بتفكرى فى أيه
أنا : بجد،  طب أنا بفكر فى أيه
طارق : بتفكرى  إن الساعة قربت على تلاتة، و إنك مستنية تشوفينى وأنا بطير علشان تعرف إذا كنت بكدب عليكى ولا لأ
أنا : بس أنا كنت مصدقاك يا طارق
طارق: عارف إنك مصدقانى، أنا نفسى كنت مصدق إنى بطير بليل علشان كده ماما كانت بتصمم إنها تنام جنبى بليل علشان معملش أى حركة مجنونة ,بس إنت عارفة أنا حطير النهاردة علشان خاطرك بس .. انا خطير وبطير :)
يرفع رجله ويقف ع السور
طارق يبصلى ويضحك : علشان تفضلى مقتنعة بس إنى مكونتش بكدب.
أنا : مصدقاك والله يا طارق والله مصدقاك، خليكى بس قاعد معايا شوية، أنا مش عايزة أشوفك وإنت بتطير والله، أنا عايزك بس تقعد معايا ولو لخمس دقايق بس علشان خاطرى ..
يلتفت إلى : خلى بالك من نفسك :)
يقفز فى الهواء،  يفرد ذراعيه ثم يطير، أراقب إبتعاده وللأول مرة أشعر بكم سأفتقده ..



"قضيت سنين مالهاش معنى..
مانستش ولا ليلة موضوعنا..
"مانكرش عقدني شوية.. وأثر فيا"




21‏/09‏/2013

عن رسالة ..


هذه كلمات صديقة مغربية كانت قد أرسلت لـ والدها تلك الرسالة على صفحتها الخاصة بـ الفيس بوك ..


"اضيع. أوّل كلمة تتفتّقُ في تمزُّق كوراليِِّ بكلِّ تصريفاتها و مشتقّاتها٬من شرنقة الرُّوح٬حين تغيب. غيابك يلغيني٬ينفيني في خيمة لاجئين بأرض بها وهج السراب٬قُروح الخراب٬و دودٌ مجذوب٬سكران٬لا يصحو٠

الصّحو في قاموسي يخْبو و يُهْمل الإيقاع علو وشم السيقان فلا يعود. الصحو في غيابك يكون حالة سُكر مُبارك٬كسُكر العاشقين و الأنبياء... تغيب عنِّي و أغيب فيك٬منك و لك...غيابا مقدّسا تتنفّسُ له رئة واحدة و ينشد فيه الصمت تعاويذ الإهمال و لغة القساوسة٬فيختنق السُّعال في مساحة السؤال.

صحيح أنني قبلك كنت ضائعة٬بوهيميّة٬تكتحل برماد خيباتها قبيل مطلع الفجر..كنت أسافر كرسالة بلا عنوان٬بل طابع بريدي٬من مدينة الى أخرى٬فيضجر ساعي البريد و يدفنني بيد واحدة دون أصابع٬بين سنابل ضاع لونها٬ريحها٬و حلمها تحت سماء من رخام قوطيّ مجدول.

صحيح أنني كنت أشرب ضياعي في فنجان زهريّ اللون٬ لكنه مكسور٬يظلُّ دوما مُغبرًّا٬شريدا٬ساخطا٬مهما سكبْتُ من دمْعي و دمي لأنظفه٬أو على الأقل لأُبْعد عنه رائحة المقابر المختنقة بمنِيّ الغول و المغول.

صحيح أنني قبلك كنت ضائعة في أحياء الذاكرة٬كنت جثّة ملغومة بخيوط العنكبوت و رصاصات فارغة٬تمنّيت أن أصيب بها يوما أبي و كا الذين لعنْتُهم أمام المساجد٬أمام الصليب و أمام عظام الكلس و العلامات المُفتضَّة عُذريّتها...

صحيح أنني ضعت قبلك في عيون الغابرين٬في حقائب المسافرين٬في مخاض الفصول٬في جثث المعتوهين و أحلام النّكّاحين المُشوّهة...كنت أضيع و أضيع و أضيع حتى استهويتُ لعبة السبح ضِدّ التيار٬حتى استحْليْتُ مضاجعة الضيـاع.
فأصبحتُ أُبارك ضياعي و أقدِّمُ له دموعي٬أشلائي و انكساراتي قُربانا كل يوم و كل ليلة.
لكن ليس بعد الآن أيها الغريب الحبيب الآتي من اللاّأين و اللامكان...
أتعرف أن من هي مثلي ليس لها ما تفقد٬ليس لها من تفْتقد٬ليس لها دمية ولا سكاكر ولا نوطات محتلمة٬تضيع بدون تردد ولا خوف لأن لضياعها حصيلة خالية من أية خسائر٬ما عدا بعض الجروح الطفيفة المتطايرة٬كزبد البحر٬كرُفات اللّقالق٬كبخور الضّريح.

حين تغيب يا سيدي٬ تغيب المواسم٬و تغيب اللغات و الرُّموز٬تغيب الشعائر و الصلوات،تغيب أحذية النّشّالين و محافظ المتسوّلين٬و تغيب الرُّموش عن عيون العذارى و العاهرات.
حين تغيب تفرّ الزَّوارق٬تعمى البحار التي في الصُّدور و تتشكّل الحُمّى عناقيدَ دم مرجاني وحشيّ يحرق عُرِيّـي.

حين تغيب أضيع و لكن هذه المرّة يزداد همّ البحث عنك،تقفّي آثارك في قلبي و على جسدي٬أضيع و أنا أتجرّع مرارة الشوق و لوعة الغياب... فتحْـتمي رغبات مجنونة بداخلي..أن أقص شعري٬أن أستحمّ بألوان مائيّة و أنا أفترش جرائد البارحة و أشرب نبيذا قُـطبيّا في رضّـاعة طفل مُـعاق يُـحْتضر.
أن أبكي دون توقّف تحت شجرة التِّـين أو الزيتون..حتى تتورّم الثمار و يُـقْرنَ اسمها باسمي في الفرقان.

لأن دموعي لأجلك حبيبي طاهرة٬بريئة٬تصلّـي للرّبّ في انهيارها و يصلي لها الرب في احتباسها... عيوني مسجد دموع تعْشقُـك أنت..و لم تُـشْرك بك يوما أحدا.

حين تغيب يا حبيبي٬ تسْقُط جُـبّةُ الدّراويـش، تحترق سُـبْحة الصُّوفـيّ٬تتورّمُ نُـهود المومس، و تُصاب الضفادع و النوارس بِـحُـمّى الشُّـذوذ..حين تغيب أضيع..

 
إهداء الى صديقي و قارئ أفكاري و كلماتي .. "

كافكا .. والمسخ



"يستيقظ جريجور سامسا ذات صباح بعد احلام مزعجة ليجد نفسه قد تحول إلى حشرة هائلة الحجم" .. #كافكا - "المسخ"

أتخيل فرانز كافكا وهو جالس خلف مكتبه بذلك الجسد النحيل الذى يذكرك دوماً بأجساد اليهود بـ معسكر "أوشفيتز"، يفكر فى كتابة تمهيد لكيفية تحول جريجور سامسا لـ حشرة وعندما يضنيه التفكير يقرر ان يكتب مباشرة هذه الجملة ليبدأ بها الرواية .. مقدمة تخبرك ان بطل الرواية قد تحول لـ حشرة بكل بساطة، مقدمة اعتبرها الروائي الكولومبي "جابرييل جارسيا ماركيز" أعظم أفتتاحية يمكن تصورها لرواية، وبفضلها قرر "ماركيز" أن يصبح روائياً

ذلك الفتى الذى أضاع خمس سنوات من عمره يستيقظ مبكراً كل صباح، متنقلاً بين القاطرات والسفر لـ المدن البعيدة ومشقة البقاء خارج المنزل لـ أيام ليعول أسرته بعد ان بارت تجارة والده منذ خمس سنوات وأكتفى الأب بالجلوس فى المنزل وأصبح جريجور هو الذى يتولى كل شئون الاسرة بمفرده، لم يمتعض جريجور يوماً بل كان يعطى ويهب أسرته كل ما يأتيه من نقود عن طيب خاطر، وكم كانت احلامه كبيرة ليست لنفسه بل لـ أسرته خصوصاً شقيقته عازفة الكمان، تلك الفتاة الجميلة التى تبلغ الـ 17 عاماً التى أحبها جريجور حباً عظيماً لدرجة أنه كان يدخر لها مبلغاً من المال كى تدخل معهد الكونسرفتوار لتكمل تعليمها، كما كان يتمنى أن يحرر والده من ثقل الدين الذي عليه.

عندما أستيقظ جريجور صباحاً ورأى نفسه قد تحول لـ حشرة لم يفكر فى نفسه ولكن فكر فى كيف يختلق عذر للتخلف عن العمل والسفر اليوم، لم يفكر فى جسد الحشرة الملقى على سريره وكيف تحول لذلك المسخ .. فقط فكر فى أجازة عن العمل حتى يعود لطبيعته .. العمل الذي يعيله ويعيل أسرته ويجعلها تعيش الحياة بشكلٍ مريح .. ولكن عندما رأته أسرته كانت ردة فعل أبيه وامه وأخته أنهم تناسوا أن هذا المسخ كان إنساناً .. وبدءاً من اليوم يتم معاملته كحشرة بتقزز وإزدراء، فيما عدا أخته التي بقي في قلبها قليل من حب وذكرى لأخيها فكانت تحرص على إطعامه، ولكن ما بقى فى قلبها من حب ينتهى فى النهاية لتكون هى أول من يفكر فى التخلص منه .. التخلص من أخيها .. او الحشرة التى فى يوماً كانت أخيها.

يحاول جريجور التشيث بـ أدميته وهو مقتنع أنه ذات يوم سيعود كما كان ولكن تشبث الحشرة جريجور بإنسانيته يدفع العائلة للإنزعاج والعنف ضده، مجرد حشرة كانت فى يوم فرد من أسرتهم هى الآن محبوسة فى الغرفة المجاورة لهم، أبيه الذى ظل خمس سنوات جاس فى المنزل بعد بوار تجارته كان قادر ع العمل وإنه كان يدعى العجز حتى يجعل جريجور هو الذى يتولى كل شئون الاسرة بمفرده لم يتذكر أبيه كل ذلك ولكن بدأ فى إيذائه جسدياً بعد تحوله .. أمه واخته يبدأوا بـ طمس وجوده خطوة بخطوة بدء من قرار الاخت إخلاء غرفته من كل الاثاث بحجة عدم حاجته لها، وعدم الاهتمام بشئونه ع الاطلاق، والاكتفاء بتقديم طعام قذر له دون تحمل مشقة معرفة هل هذا الطعام يناسبه ام لا فهو فى النهاية مجرد حشرة ..

فى النهاية ينقطع جريجور عن الطعام ويظل مختبئاً تحت الأريكة طوال الليل والنهار .. وذات يوم عندما يسمع عزف اخته على الكمان يجر أرجله الواهنة رغم جراحه الملتهبة لـ يراها وهى تعزف، كم كان يتمنى أن يذهب تحت أقدامها ليؤكد لها أن روحه البريئة المليئة بالمشاعر الطيبة مازالت موجودة وانه يحبها، وما أن يروه حتى تصرخ أخته ويغمى على وادته ويريد أبوه البطش به، وحين يدخل غرفته يسمع اخته وهى تصيح أنه يجب التخلص منه يجب أن يموت، أنه لم يعد جريجورى أنه حشره لم تعد بينهم وبينه أى صلة .. ورغم أنه سمع كلام أسرته فى وجوب التخلص منه كان جريجورى يفكر بأسرته برقة وحب وكيف له أن يساعدهم .. يظل جريجور تلك الليلة مستيقظاً حتى الصباح .. وعند أول شعاع ضوء يصله من العالم الخارجى تتهاوى رأسه وتخفت أخر أنفاسه .. ليموت حزناً، فـ حبه الشديد لهم منعه من تحمل أن يحيا كائناً غير مرغوب فيه وسط عائلته.

تلك الرواية "90 صفحة" ستصيبك بالحزن والآكتئاب ... وكـ لعنة الفراعنة ستصيبك لعنة كافكا بالأكتئاب والحزن، وربما تسقط دموعك .. روحه الحزينة تتجلى فى كتاباته لدرجة أنها تنقل أليك أحزانه وكئابته مهما طالت السنيين.