الصفحات

26‏/01‏/2012

الأستبداد الديمقراطى لـــ عصمت سيف الدولة

يبدو أنه في مرحلة لاحقة من تاريخ البشرية انتبه واحد من أفراد إحدى الأسر إلى أن " رب الأسرة " المستبد صدفة لا يملك من أسباب الكفاءة العقلية أو الفكرية أو الخلقية ما يؤهله للاستبداد. أو ربما تكون االبشرية قد ضاقت ذرعا باستبداد أرباب الأسر فأراد الناس أن يقيموا السلطة على أساس من القبول و الكفاءة طبقا للمقاييس الإنسانية. فقطع الاستبداد على " الحقد " سبل " الإثارة " بأن تحول المستبدون إلى آلهة أو ممثلين للآلهة أو متلقين عن الآلهة عن طريق الوحي أو الإلهام. و ربما كان الأمر غير هذا و ذاك ، ربما كانت صلة الدم و القربى الطبيعية قد تاهت في الكثرة العددية فما زال المستبدون يصعدون مواقعهم لتكون فوق الجميع حتى بلغوا السماء أو اتصلوا بها. و ربما كان قد تأه رب أسرة فأورث الألوهية من جاء بعده كما ينتقل الجنون إرثا في بعض الحالات.
المهم أن البشرية  قد مرت بعصور من الإستبداد كان مصدر " القرار " الذي ينصب على المجتمع و يمس حياة كل فرد فيه إلهاً أو مجموعة من الآلهة تنطق بقراراتها على ألسنة الملوك أو الكهنة أو السحرة.
و القرارات الإلهية غير قابلة للمناقشة أو النقض و واجبة الطاعة كما هي و لو كانت صادرة من آلهة المجون و العبث كما كان بعض آلهة الإغريق. إنه استبداد يلغي وحدة المجتمع و تعدد الأفراد فيه معا و يأتي هابطا على البشر من فوق العقل الإنساني بل قد لا يكفيه افتراس العقول فيفترس الأجسام قرابين من البشر.

تحكي لنا الأسطورة الفرعونية أن إله الصحراء " ست " قتل الإله "أوزيريس" و فرق جسده إلى ثلاث عشر قطعة دفنها في أماكن متفرقة من وادي النيل. و لكن الإلهة "إيزيس" أرملة القتيل ، استطاعت أن تجمع القطع المدفونة و أن تبعث فيها الحياة مرة أخرى لتلد من زوجها المبعوث إلها جديدا هو "حورس".

في ظل سيادة تلك الأسطورة كان الكهنة في مصر القديمة يتوجون كل ملك جديد طبقا لطقوس سحرية معقدة ترمز إلى قصة الزوجين إيزيس و اوزيريس و مولد ابنهما حورس ليكون ذلك إشهادا كهنوتيا بأن الفرعون الجديد هو أيضا من نسل الآلهة.
وهكذا كان الملك في مصر القديمة معتبرا إلها بين الناس تفصل بينه و بين رعاياه
مسافة لامتناهية يضيع فيها العقل و تنقطع خلالها كل علاقة معقولة بين الحاكم والمحكوم. فيقول علماء تاريخ القانون أن الفرعون كان المثال الكامل للحاكم الفرد المستبد. مستبد أولا باتخاذ " القرار " دون الناس جميعا و يستشهدون على هذا بنصوص من الكتابات القديمة تثبت أنه لم تكن في مصر كلها إرادة نافذة غير إرادة الملك فهو المشرع الذي يصدر القوانين و الأوامر ( يضع الكلمات ) و هو المنفذ عن طريق أدواته ( أعضائه ) من الكتبة و هو القاضي الذي يفصل في الخصومات ( يفرق الكلمات ). و هو ثانيا مستبد بمصر كلها فقد كانت مصر كلها تعتبر " مائدة الملك " لأن مصر كلها كانت مملوكة للفرعون الإله. و لما كانت مصر أكبر مساحة. و أكثر بشرا من أن يستبد بها بنفسه فقد خلف لنا عهد الفراعنة نموذجا فذا في الإدارة المركزية البيروقراطية المستبدة كانت وظيفتها أن تنفذ إرادة فرعون.
و ما تزال كلا إدارة مركزية بيروقراطية أداة للاستبداد حتى يومنا هذا.

و تحكي لنا أساطير بني إسرائيل أن موسى قبل أن يتلقى الوصايا العشر و يصبح رسولا ، و الكهنة من بني إسرائيل قبل عهد موسى ، كانوا ينسبون قراراتهم إلى الله جاء في العهد القديم : و في اليوم التالي جلس موسى ليحكم في الناس و بقي الشعب واقفا أمامه من الصباح إلى المساء. و رأى والد امرأة موسى ما يفعل موسى بالشعب فسأله : ما هذا الذي تفعله بالشعب؟ لماذا تجلس وحدك و يبقى الشعب كله واقفا أمامك من الصباح إلى المساء؟.. فقال موسى لحميه : إن الشعب يحضر إلى لأستشير الله. فكلما عنّ لهم أمر حضروا إلي فأعلن فيهم أوامر الله " ( سفر الخروج – إصحاح 18 – نص من 13 إلى 16 ).


و يحكي لنا هوميروس في ملحمته " الإلياذة " " أن قد كان عند اليونان آلهة شتى من بينها آلهة للعدالة تسمى " ثيميس " يتلقى منها الملك قراراته فأصبحت القرارات الملكية تسمى " ثيميس " تعبيرا عن أصلها الإلهي.


و في الهند كان " مانو " إسما يطلق على كل من الملوك المؤلهين السبعة الذين حكموا العالم و إلى الأول منهم أوحي " قانون مانو " من لدن الإله " براهما " نفسه فأبلغه إلى الكهنة ( الماهاريشي ) ثم بقي محفوظا ( علي بدوي – أبحاث التاريخ العام للقانون – 1947 ).
و لم يكن الأمر مختلف عن هذا في المرحلة البدائية لكل شعوب الأرض.


من كتاب الاستبداد الديمقراطي – 1981





25‏/01‏/2012

الأبنودى : ملعون أبوها الحمامة أم غصن زتون









الصخر لو ينفجر .. النبع ايه ذنبه؟؟
سباق فى ساحة.. ما بين انسان و بين قلبه
مادام لموت احمل السيف اللى بتحبه
و اذا اندفعت اندفع و اذا ان وقعت تسد
طول عمر وطنك بيحلم تبتدى حربه
وجّى يا بلد الحرايق و اصرخى بجنون
و احرقيها مدن و كروم و ناس و سجون
ملعون ابوها الحمامة ام غصن زيتون
معمولة لجل الضحايا يصدقوا الجلاد
يا ايد يا متكتفه
يا ضهر يا منجلد
يا طفل مين  ورثك الاحتمال و الجلد؟
يا طفل بهموم رجال
يا بنت قبل الولد
يا ارض تطرح حصى .. يا قلوب بتطرح عند
مين اللى قال الكلاب تسكن عرين الاسد
طلع مش مهم السلاح
طلع يغنى عنه الحجر
طلع مش عويص الكفاح مادام فيه ارادة و بشر
طلع مش بعيد الصباح و مستنى خلف الشجر
و منين اجيب ناس لمعناه الكلام يتلوه؟
اذا كنت باجى اقوله .. نص عقلى يتوه؟
فمنين اجيب ناس لمعناه الكلام يتلوه؟
الكلام مش مستجيب
والصمت عار
والمسافة بعيدة بين الفعل و القول البليد
لكن نحااول
لا قصيدة هاتجرى ع الاسفلت
ولاترمى حجر
ولافوق اكتافها راح تحمل شهيد
ولا هاتبعد خطر
ولا هاتقرب بعيد
الكلام اخر المطاف هو الكلام
و الدم .. دم
القصيدة توصف الدم الزكى ماتشيلش نقطة
توصف الام اللى ماتت بنتها قدام عنيها
بس وصف! وصف جيد .. وصف خايب ..
وصف صادق .. وصف كاذب .. فى النهاية كله وصف !
كل شعر الوصف .. مايساويش فى سوق الحق صرخة
الكلام عن كل ده شئ م التطاول
انما .. لازم نحاول
القصيدة مشكلتها فى التناول
مشكلتها فى البداية و النهاية
مضامينها و شكلها و عديد من المسائل
القصيدة قصيدة .. بس الفعل فعل
هل نكف عن المحاولة؟ او نحاول؟
لو سكتنا .. يقولوا : ضاعوا !!
لو وقفنا .. يقولوا: باعوا !!
و اذا قلنا .. يقولوا فين الكلمة من رمية حجر ؟؟
صرخة قتيل ؟؟
ثورة الاطفال تخلى الشعر لو كان عبقرى .. وزنه قليل !!
يا رفاقة .. شعرنا ماهوش بخيل
اعذروا الشعراء اذا خرسوا النهاردة .. و اعذروا الكلمة اذا احتارت و دارت
النهاردة الغنوة للأفعال
و اعذروا العواجيز اذا صمتوا النهاردة .. و استكانوا للرقاد ف الصمت مدة
النهاردة الصرخة للاطقال
الكلام … مايشيلش جثة
الكلام … مافيهش دم
الكلام … مافيهوش هجوم ولا تراجع
الكلام .. مالوش لجان … الكلام ماهوش محاصر بالمدافع
لا دكاكينه بتقفل .. ولا تتسمم غيطانه
ولا قاطعين عنه نوره أو مياهه ..
ولا ممنوع م العمل  .. ولا مشلول بالحصار الاقتصادى
ولا بالغاز المسيل للدموع
ولا بيعانى عطش و يعانى جوع .. زى اصغر طفل ف الوطن المقاتل
نسكتوا ولا نحاول ؟؟
لأ نحـــــــاول
حبيبتى كل ما بنسى تفكرنى الحاجات بيكى
ائنك تدمعك عينى كأنى مش هغنيكى
دمايا متستهلش تكون كحلة ليله لعينيكى
و انا الدرويش ..
انا السابح بمسبحتى .. ومبخرتى .. و توب الخيش
اغنى لك .. و امول لك مواويلك .. ماتسمعنيش ولا تشوفينيش
ومش لازم مادام عايشة .. مادمت بعيش
وياما بيكى عقلى اتجن
وانتى الأنّ .. انتى الظن و أنتى قلمى لحظة فن
يا غنيوتى .. انا احزن اغانيكى
و انت الحلم .. اااه من حلم .. لا نسينى ولا نسيكى ..
يبيعوا اللون .. يغشوا الدم
يهدوا الكون
يشيلوا الكيف .. فى عب الكم
انا انفاسك الخضرا
وانا الجرح اللى فى جبينك
انا الخنجر فى شريانك .. و انا اللقمة فى ايد طفلك
انا قبرك و اكفانك .. وانا الشمعايا فى حفلك
انا الجاهل لكن باقرا .. و بفهم غاية النظرة
انا دارك وانا اهلك .. و انا وردك و انا نسلك
انا رغيفك و فرانه .. وحطب النار
وزيتونك و زتانه .. انا القاطف و انا العصار
و اسلامك و قرأنه .. و قلبى منشد الاذكار
انا العابد .. انا الزاهد ..
انا اللى يحب مايلومنيش
انا العاشق .. انا الدرويش
صلاة الثورة ماتفتنيش
ودم شهيدى و ضانى بماء تانى ..
بماء من نبع نورانى ..
فى قلبى مافيش فى اسرارى و لا حكاياتى – الا انتى
يا خيط النور .. يا كوة فى سور .. يا نور منظور .. يا خير محظور
انا الايد اللى مانعانى
انا الاًسر و انا المأسور
انا الغايب .. انا الدايب –صبابة- و الجناح مكسور
و انا التايب عن الماء الحرام و العيش
انا الدرويش .. ابو الدراويش
جناحات قلبى من غير ريش
انا الماشى و انتى الفكر .. انا المجنون فى قلب الذكر
و محتكر المحبة البكر ..
سكنتى ازاى كده فى عيشى؟
و نخششتى فى نخاشيشى؟
كأنك فيا مولوده و موجودة .. و مفقود حب مفقودة
و اغانيكى انا هية  .. على صدرى غيطان زعتر و “ميرامية”
ميرامية على صدرى
و يوم ما اموت .. تحشها و ترميها على قبرى
انا المنقوش فى كفينك .. يا موشومة على صدرى
يا كبشة عطر ريحانى .. يا صوت دمى اذا يسرى
ولا يفصلنا يوم فاصل و ده الحاصل .. فماتلومينيش
ده انا الدرويش .. انا المقتول ..  انا المهبول .. انا اللى بادروش الدراويش
بفرق جرحى ع الثوار .. و اكفن ميتى .. بنوار
وفى صفوفك تلاقينى افرق عيش
ماتحرقشى عبايتى النار ولا اللحية
و من حارة الى حارة .. و من شارع الى شارع .. و من ناحية الى ناحية
يقابلنى العدو برصاص
اقوم نافضه من الجبة الرصاص و ارميه كأنه قش
قلوب الاوليا نيتها لا تتغش
انا الدرويش .. ماينقصنيش فدا و اخلاص
والرجعه ماتنفعنيش
صورتها تطل م الطاقة ..
عيوتها السودا عشاقة  .. و مشتاقة  ..
و انا الدرويش بانزف دم  .. وسع لى الطريق يا عم
و ماشى بجرحى مش مهتم
يا عرسى يا انتفا موتى  .. حبيبتى ساكنة فى صوتى
وماسك ايدها فى السكة .. تسابق خطوتى ضحكة
و لون الدم فى صدرى ماسكتنيش
و خلانى اعيش و اعيش
اعيش درويش يا درويشة
يا درويشة و اموت درويش .. اعيش درويش
و امشى ادروش الدراويش
واغنى ادروش الدراويش
و اموت بادروش الدراويش
حبيبتى تعيش  .. حبيبتى تعيش  .. حبيبتى تعيش

15‏/01‏/2012

أمل دنقل ... شجوية "صوت الكمان"







 
لماذا يُتابِعُني أينما سِرتُ صوتُ الكَمان ؟
أسافرُ في القَاطراتِ العتيقه
(كي أتحدَّث للغُرباء المُسِنين)
أرفعُ صوتي ليطغي على ضجَّةِ العَجلاتِ
وأغفو على نَبَضاتِ القِطارِ الحديديَّةِ القلبِ
(تهدُرُ مثل الطَّواحين)
لكنها بغتة..
تَتباعدُ شيئاً فشيئا..
ويصحو نِداءُ الكَمان!

***

أسيرُ مع الناسِ, في المَهرجانات
أُُصغى لبوقِ الجُنودِ النُّحاسيّ..
يملأُُ حَلقي غُبارُ النشيدِ الحماسيّ..
لكنّني فَجأةً.. لا أرى!
تَتَلاشى الصُفوفُ أمامي!
وينسرِبُ الصَّوتُ مُبْتعِدا..
ورويداً.. رويداً

يعودُ الى القلبِ صوتُ الكَمانْ!

***

لماذا إذا ما تهيَّأت للنوم.. يأتي الكَمان ؟؟
فأصغي له.. آتياً من مَكانٍ بعيد..
فتصمتُ: هَمْهمة الريحُ خلفَ الشَّبابيك
نبضُ الوِسادةِ في أُذني,
تَتراجعُ دقاتُ قَلْبي,..
وأرحلُ.. في مُدنٍ لم أزُرها!
شوارعُها: فِضّةٌ!
وبناياتها: من خُيوطِ الأَشعَّةِ..
ألقى التي واعَدَتني على ضَفةِ النهرِ.. واقفةً!
وعلى كتفيها يحط اليمامُ الغريبُ
ومن راحتيها يغط الحنانْ!
أُحبُّكِ,
صارَ الكمانُ.. كعوبَ بنادقْ!
وصارَ يمامُ الحدائقْ.
قنابلَ تَسقطُ في كلِّ آنْ
وغَابَ الكَمانْ!
وغَابَ الكَمانْ!


06‏/01‏/2012

القربان ............ أهداء إلى روح الشهيد مينا دانيال











هيّا.. تقدّمْ أنتَ وَحْدَكَ
حولكَ الكُهّانُ ينتظرون أمرَ الله
فاصعَدْ أيُّها القربانُ نحو المذبحِ الحجري 
يا كبشَ الفداء – فدائنا… واصعَدْ قويّا

لَكَ حُبُّنا، وغناؤنا المبحوحُ في الصحراء  
هاتِ الماءَ من غبش السراب
وأيقظ الموتى ! ففي دمكَ الجوابُ
ونحن لم نقتلْكَ… لم نقْتُلْ نبيّا
إلا لنمتحن القيامة، فامتحنا أنتَ
في هذا الهباءِ المعدني
 ومت لنعرفَ كم نُحبك.. كم نُحبك  
مُت لنعرفَ كيف يسقطُ قلبُكَ الملآن
فوق دعائنا رُطباَ جنيّا 

لكَ صورةُ المعنى. فلا ترجع إلى أعضاء جسمك 
واترك اسمكَ في الصدى صفة لشيء ما
وكُن أيقونةَ للحائرين ، وزينةً للساهرين
وكُنْ شهيداً شاهداً طلق المُحيّا

فبأيّ آلاء نكذّب؟ من يُطَهّرُنا سواك؟
 ومن يحررنا سواك؟ وقد ولُدتَ نيابة عنا هناك
ولُدْت من نور ومن نار
وكنا نحن نجّارين مَوْهوبينَ في صُنْع الصليبِ
 فَخُذْ صليبَكَ وارتفعْ فوق الثُريّا

هيّا، تقدّمْ أنت وَحدَك
يا استعارتَنا الوحيدة فوق هاوية الغنائييّن 
نحن الفارغين النائمين على ظهور الخيل.. نسألكَ الوفاء 
فكُنْ وفيّاً للسلالة والرسالة
كُنْ وفيّا للأساطير الجميلة، كُن وفيّا‍‍!  

وبأي آلاء نكذّب؟ والكواكبُ في يديك  
فكن إشارتنا الأخيرة
كُنْ عبارتنا الأخيرةَ في حُطام الأبجدية
"لم نزَلْ نحيا، ولَوْ موتى" 
على دَمكَ اتكلنا دلّنا
وأضئ لنا دَمَك الزكيَا‍!


لم يعتذر أحدٌ لجرحِك
كُلُّنا قُلْنا لروما "لم نكن مَعَهُ"
وأسْلمناك للجلاّد
فاصفح عن خيانتنا الصغيرة
يا أخانا في الرضاعة، لم نكن ندري بما يجري 
فكُنْ سمحاً رضيّا.

سنُصدّقُ الرؤيا ونؤمنُ بالزواجِ الفذّ
بين الروح والجسدَ المقدّس
كلّ ورد الأرض لا يكفي لعرشك
حفّت الأرض استدارتْ، ثم طارتْ
كالحمامة في سمائكَ يا ذبيحتنا الأنيقة
فاحترقْ، لتضيئنا، ولتنبثقْ نجماً قصياً

أعلى وأعلى. لَسْتَ منا إن نزلتَ
وقُلتَ: "لي جَسدٌ يُعذّبني على خشب الصليب" 
فإن نَطقتَ أفقْتَ، وانكشفَتْ حقيقتُنا، فكُنْ حُلُماً لنحلم
لا تكنْ بشراً ولا شجراً، وكُنْ لُغزاً عصيّا

وليحتفلْ بكَ كُلُ ما يَخْضرُّ
مِنْ شجر وَمِنْ حَجَر
ومن أشياء تنساها الفراشة فوق قارعة الزمان قصيدةً…
وليحتفلْ بكَ كُلُّ مَنْ لم يمتلكْ ذكرى،
ولا قمراً بهيّا

لا تنكسرْ! لا تنتصرْ، كُنْ بَينَ بيْنَ معلقاً
فإذا انكسَرْتَ كُسَرْتَناَ، وإذا انتصَرْتَ كَسَرْتَنا
وَهَدَمْتَ هَيكلنا، إذًا، كن مَيّتاً – حيّاً – وحيّا – ميتا
ليواصِلَ الكُهّانُ مهنتهُمْ، وكُنْ طيفاً خَفيّا

ولتْبقَ وَحْدَك عالياً
لا يلمسُ الزّمنُ الثقيلُ مجالكَ الحيويَّ
فاصعَدْ ما استطعتَ، فأنت أجمَلُنا شهيداً
كن بعيداً ما استطعْتَ لكي نرى في الوحي ظلكَ أرْجوانيَّ الخريطة،
فالسلامُ عليك يَوْمَ وُلِدْتُ في بلد السلام
ويَوْمَ مُتَّ، ويَومَ تُبعثُ من ظلام الموت حيّاً



 ...............................................................