الصفحات

22‏/10‏/2013

رثاء

"فـ كن أيقونة للثائرين ... ونوراً للسائرين ..
نحن الفارغين النائمين .. نسألك الوفاء ..
فبأي آلاء نكذب؟ ..
من يُطهرنا سواك؟ ومن يحررنا سواك؟
وقد قُتلت نيابة عنا هناك .."

اليوم وفى مثل هذا اليوم .. لسنيين ولـ ربما لعقود .. سنستيقظ نحن النائمين الغافلين .. المرابطين خلف الشاشات ولوحات المفاتيح .. سنستيقظ لنقف أمام ذلك الشبح المبتسم بعيون مغلفة بالدموع .. ها هو على خشبة الصليب معلقاً .. كـ الناصرى على جبل الجلجلة .. سنكتب لك يا أخانا شعراً ونثراً .. سننثر عند أقدامك خبزاً وخمراً .. وفى نهاية اليوم سنعود لنغفوا بين ظلال النسيان .. وستبقى أنت وحدك .. جئت وحدك وتمضى وحدك .. وتبعث من ظلال الموت وحدك .. وسنبقى نحن كما نحن .. نجارين موهوبين فى صناعة الصليب .. ليصلب عليه أطهرنا وأجملنا .. قرباناً .. يشع نوراً كـ كوكب دري يوقد من شجرة مباركة يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار

"ومت لنعرف كم نُحبك.. كم نُحبك ..
مُت لنعرفَ كيف يسقطُ قلبُكَ الملآن ..
فوق دعائنا رُطباَ جنيّا"

ها أنت أيها المبتسم دوماً .. يا من ليس له مثيلاً فى الطهر .. المصلوب عند "ماسبيرو" .. يا من تنظر إلى مواكبنا الصامتة .. وتسمع ضجيج أقدامنا .. لابد أن تعرف أنك على خشبة الصليب .. المضرجة بدمائك أكثر إجلالاً ومهابة .. من ألف ملك على ألف عرش فى ألف مملكة .. بل أنت وأنت فى دمائك أكثر بطشاً من ألف قائد على ألف جيش فى ألف معركة .. وأقول أنك وأنت مبتسماً أجمل من ألف شهيداً على ألف خشبة أعدام تقص رقابهم المقصلة ..

"فبأيّ آلاء نُكذب؟ من يطهرنا سواك؟ ..
ومن يحررنا سواك؟ .. وقد قُتلت نيابة عنا هناك ..
وكنا نحن هنا .. نجارين .. موهوبين في صُنع الصليب ..
فـ خذ صليبك وأرتفع .. فوق السحاب .. فوق الثُريا .."

تركتنا وذهبت لمملكتك .. واظن أن أخر كلماتك كانت "إني آنست ناراً .. لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى" .. فأحترقت بالنار لتضيئنا .. وأصبحت نجماً فى سمائنا .. نستدل به ولا نستدل عليه .. فأعذرنا يا أخانا لاننا لم نعرف روحك النقية إلا بعد أن رحلت .. سامحنا لأننا لم نعرف أيقونتك البهية .. إلا بعد ان ذهبت .. وأرحمنا لأننا لم نبكى عند أقدامك كـ المجدلية .. إلا بعد أن صُلبت .. فأعذرنا وسامحنا وأرحمنا من جلد الذات .. وعذاب ضمائرنا ..

"كن ميتاً حياً ... وحياً ميتاً .. ليواصل الكهان مهنتهم
وكن طيفاً خفياً ... وكن نجماً قصياً .. وكن سعيداً
وأصعد ما أستطعت .. فأنت اجملنا وأطهرنا ... شهيداً"

لتعلم يا أخانا أن أكليل الشوك على رأسك .. أجمل من كل تيجان ملوك روما .. والمسامير فى كفك أجمل من أساور كسرى أنو شروان .. وقطرات الدماء على قدميك أشد لمعاناً من قلائد زينوبيا وعشتروت

"لم يعتذر أحداً لـ قتلك ..
كلنا قلنا لروما "لم نكن معه" ..
وأسلمناك للجلاد .. فاصفح عن خيانتنا الصغيرة ..
يا أخانا في الرضاعة، لم نكن ندري بما يجري ..
فكن سمحاً رضيا .."

يا أخانا سامحنا ... سامح من ينوحون عليك ... ولا يدرون ... آينوحون عليك أم ينوحون على أنفسهم .. أغفر لهم لأنهم لا يعلمون بأنك صرعت الموت بـ الموت .. ووهبت الحياة والخلاص ... لـ من فى القبور .. فسامحهم..
سامحنا .. يا مينا



"تخطىء لو ظننت أن ذلك الرثاء فى مينا دانيال دون غيره، ولكنى أقول هذا الرثاء فى العشرات من القتلى أمتزجت دمائهم بـ أشلائهم لـ يكون الناتج ذلك الـ مينا دانيال المكلل بـ تاج الأشواك ... لا أعرف أحداً من شهداء ماسبيرو .. ولكنى دوماً أتذكرهم عندما أنظر لـ هذا المبتسم .. مينا إبراهيم دانيال (1991 ـ 2011)"
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق