الصفحات

05‏/05‏/2012

مذبحة القلعة 1811


" اللهم إضرب الظالمين بالظالمين وإخرجنا من بين أيديهم سالمين " 
بهذا الدعاء تعامل المصريون مع صراع محمد على والمماليك على حكم مصر ، لكن يشاء العلى القدير أن يضرب الظالمين بالظالمين ولا يخرج المصريين سالمين ، تدور رحى المذبحة فتصيب الآمنيين فى بيوتهم .

الملاحظ ..أن أطراف المذبحة ليسوا من أهل الوطن ، كلهم غرباء إستباحوا مصر وأهلها وخيراتها .. فـ المماليك عبيد صعاليك تم بيعهم فى مصر وتدربوا على حمل السلاح كانت لهم بطولات فى الدفاع عن الأمة الإسلامية يذكرها التاريخ ، لكنهم خلدوا إلى حياة المجون والجوارى والغلمان وتقوقعوا فى غرورهم وجهلهم .. عانى منهم المصريين بعد طرد الحملة الفرنسية ، وعندما إشتكوا إلى خورشيد باشا من جبروت المماليك الذين إستباحوا أعراض البنات والغلمان وسبى النساء وإستعباد الرجال قال لهم : أناس جاهدوا أشهرا وأياما ، قاسوا ما قاسوه فى الحر والبرد ، حتى طردوا عنكم الفرنسيز .. أفلا تسعونهم فى السكن ؟!!!!!

والطرف الآخر من المذبحة جنود من الجيش العثمانى ، قدموا مصر وقت الحملة الفرنسية ولم يخرجوا منها ، ومنهم محمد بك الدفتردار – تزوج زهرة هانم إبنة محمد على – وصالح قوش ومحمد لاظوغلى وعدد من الجنود الألبان ، جميعهم كانوا القبضة الحديدية للداهية محمد على والذى قراءوا عليه يوما صفحات من كتاب ميكافيلى – صاحب مقولة الغاية تبرر الوسيلة – فسخر منه وقال : أنا أعرف أكثر منه ..

المذبحة 1 مارس 1811
خرج الشعب المصرى لتوديع الجيش المسافر تحت قيادة الأمير أحمد طوسون الإبن الأكبر لـ محمد على لإخماد الحركة الوهابية فى الحجاز ..
أعد "محمد علي" مهرجانًا فخمًا بالقلعة لتوديع الحملة دعا إليه كبار رجال دولته، وجميع الأمراء والبكوات والكشاف المماليك، فلبى المماليك تلك الدعوة واعتبروا الدعوة زيادة فى الكرم ودليل رضاه عنهم، وقبل ابتداء الحفل دخل البكوات المماليك على محمد علي فتلقاهم بالحفاوة، ودعاهم إلى تناول القهوة معه، وشكرهم على إجابتهم دعوته، وألمح إلى ما يناله ابنه من التكريم إذا ما ساروا معه في الموكب، وراح محمد علي يتجاذب معهم أطراف الحديث؛ إمعانًا في إشعارهم بالأمن والود.
وحان موعد تحرك الموكب، فنهض المماليك وبادلوا محمد علي التحية، وانضموا إلى الموكب، وكان يتقدم الركب مجموعة من الفرسان في طليعة الموكب، بعدها كان والي الشرطة ومحافظ المدينة، ثم كوكبه من الجنود الألبان بقيادة صالح قوش، ثم المماليك ، وبعدهم جموع بكوات المماليك على صهوات جيادهم .
وتحرك الموكب ليغادر القلعة، فسار في طريق ضيق نحو باب "العزب"، فلما اجتاز الباب طليعة الموكب ووالي الشرطة والمحافظ، أُغْلِق الباب فجأة من الخارج في وجه المماليك، ومن ورائهم الجنود الألبان، وتحول الجنود بسرعة عن الطريق، وتسلقوا الصخور على الجانبين، وراحوا يمطرون المماليك بوابل من الرصاص، أخذت المفاجأة المماليك وساد بينهم الهرج والفوضى، وحاولوا الفرار، ولكن كانت بنادق الجنود تحصدهم في كل مكان، ومن نجا منهم من الرصاص فقد ذُبِح بوحشية.
وسقط المماليك صرعى مضرجين في دمائهم، حتى امتلأ فناء القلعة بالجثث، ولم ينج من المماليك الأربعمائة والسبعين الذين دخلوا القلعة في صبيحة ذلك اليوم إلا واحد يسمى "أمين بك" كان في مؤخرة الصفوف، واستطاع أن يقفز بجواده من فوق سور القلعة، وهرب بعد ذلك إلى الشام.

وصل خبر تلك المذبحة إلى الجماهير المحتشدة في الشوارع لمشاهدة الموكب فسرى الذعر بينهم، وتفرق الناس، وأقفلت الدكاكين والأسواق، وهرع الجميع إلى بيوتهم، وخلت الشوارع والطرقات من المارة.

وسرعان ما انتشرت جماعات من الجنود الألبان ، في أنحاء القاهرة يفتكون بكل من يلقونه من المماليك وأتباعهم، ويقتحمون بيوتهم فينهبون ما تصل إليه أيديهم، ويغتصبون نساءهم، وتجاوزوا بالقتل والنهب إلى البيوت المجاورة ، ولم يسلم المصريون من هذه المحنة القاسية ، فأصابهم ما أصاب المماليك ، السفاحون الألبان لم يفرقوا بين قصور المماليك وبيوت المصريين فإستباحوا كل ما تصل إليه أيديهم .
وكثر القتل، واستمر النهب، وهتك الأعراض ، وسادت الفوضى ثلاثة أيام، قُتل خلالها نحو ألف من المماليك ومئات من المصريين ونُهب خمسمائة بيت، ولم يتوقف السلب والنهب إلا بعد أن نزل محمد علي إلى شوارع المدينة، وتمكن من السيطرة على جنوده وأعاد الانضباط.

وكانت هذه الرسالة الثانية من محمد على لكل من يحاول أن يعارضه ، وكانت الأولى نفى الزعيم السيد عمر مكرم .


رؤس البكوات المماليك على باب مسجد الحسنين - بريشة جان ليون جيروم - الذي عاش بالقاهرة بعد 20 سنة من المذبحة

المصادر ..
تاريخ الجبرتى
مصر من نافذة التاريخ .. جمال بدوى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق